للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ الْمَوْهُوبَ لَا يَتَجَاوَزُهُمَا، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمَا مَعَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِاجْتِمَاعِهِمَا كَالشَّرِيكَيْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: حَكَّاهُ الرَّبِيعُ، أَنَّ الْهِبَةَ بَاطِلَةٌ مَعَ إِذْنِهِ كَبُطْلَانِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ ضَعِيفٌ وَمِلْكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَوِيٌّ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْدُثَ عَنِ الضَّعِيفِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَذَا التَّصَرُّفِ، فَضَعُفَ الْإِذْنُ عَنْهُ، وَصَارَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

فَأَمَّا خَلْعُ الْمُكَاتَبَةِ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْهِبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهُ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ، لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مِمَّا فِي الْهِبَةِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْمُكَافَأَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَوْجَبَهَا، أَوْ جَمِيلِ الذِّكْرِ وَثَوَابِ الْآخِرَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَسْقَطَهَا، وَلَيْسَ فِي الْخَلْعِ مُكَافَأَةٌ وَلَا ثَنَاءٌ، وَلَا ثَوَابٌ.

وَأَمَّا مُحَابَاةُ الْمُكَاتَبِ فِيمَا بَاعَ وَاشْتَرَى إِذَا خَرَجَ عَمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَهُوَ كَالْهِبَةِ إِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ بَذَلَ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا تَطَوَّعَ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ فِي بِرٍّ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ مَرْدُودٌ إِذَا أَمْكَنَ اسْتِدْرَاكُهُ، وَبِإِذْنِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ:

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَلَا يُكَفِّرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَفَّارَاتِ إِلَّا بِالصَّوْمِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَّارَةٌ فَفَرْضُهُ فِيهَا أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ دُونَ الْإِطْعَامِ وَالْعِتْقِ، لِجَرَيَانِ أَحْكَامِ الرِّقِّ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى الْعِتْقِ لَمْ يُجْزِهِ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ فِيهِ لِغَيْرِهِ، سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَإِنْ عَدَلَ إِلَى الْإِطْعَامِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ، إِنَّ الْعَبْدَ لَا يُمَلَّكُ إِذَا مَلَكَ، وَفِي إجْزَائِهِ عَلَى الْقَدِيمِ إِذَا قِيلَ: إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ إِذَا ملكَ، وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ قَوْلَيِ الهبة.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: (وَإِنْ بَاعَ فَلَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَجَبَ الْبَيْعُ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، إِذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ، وَأَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَمُسْتَحَقٌّ فِي عَقْدِ كُلِّ بَيْعٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَالْمَالِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>