للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:
مسار الصفحة الحالية:

سَيِّدُهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا إِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَمْلِكُ مِنْ عُقُودِ الْمَنَاكَحِ مَا ضَعُفَ عَنْهُ الْأَوْلِيَاءُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُهَا لِأَنَّهُ لَمَّا مُنِعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا إِذَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا مُنِعَ مِنْهُ وَإِنِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ لِضَعْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ لِإِذْنِهِ تَأْثِيرٌ.

فَصْلٌ

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنْ عَقْدِ نِكَاحِهَا، فَإِنْ قِيلَ: بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَانَتْ مَقْصُورَةً عَلَى اسْتِمْتَاعِ السَّيِّدِ إِنْ شَاءَ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ قِيلَ: بِجَوَازِ تَزْوِيجِهَا كَانَ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا مُعْتَبَرًا بِتَقَدُّمِ الِاسْتِبْرَاءِ، لِأَنَّهَا قَدْ كَانَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ فَلَمْ يَجُزِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إِلَّا بَعْدَ زَوَالِهِ بِالِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنْ عَقَدَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بَطَلَ النكاح، لأن لا يَصِيرَ الْفِرَاشُ مُشْتَرَكًا وَمَهْرُهَا إِذَا صَحَّ الْعَقْدُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ دُونَهَا، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ كَسْبِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَوَجَبَ بِهَا الْمَهْرُ كَانَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ.

فَصْلٌ

فَأَمَّا تَزْوِيجُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ فِي حُكْمِهَا فِي عِتْقِهِ، وَالْمَنْعِ مِنْ بيعه، فإن كان كَانَ الْوَلَدُ جَارِيَةً كَانَ فِي تَزْوِيجِ السَّيِّدِ لَهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ كَالْأُمِّ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ غُلَامًا لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ إِجْبَارُهُ عَلَى النِّكَاحِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَسْبٍ فَيُجْبِرَهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ، وَلَيْسَ لِهَذَا الْغُلَامِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الرِّقِّ، وَفِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا مِنَ الْأَقَاوِيلِ فِي أُمِّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

ونسأله التوفيق فيما توخيناه وكتبناه من هذا الكتاب، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا محمد وآله وصحبه وسلم. آخر ما ذكرناه والحمد لله رب العالمين كثيرا هذا آخر كتاب الحاوي والحمد لله على ما يسر من إكماله، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وصحبه وسلم

<<  <  ج: ص: