للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ سَوَاءً فَمَذْهَبُ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنْ أصحابنا جواز لبسه مغليا لِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ وَمَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مِنْهُمْ تَحْرِيمُ لُبْسِهِ تعليقا لحكم الحظر وهذا الأصح لأن الإباحة والخطر إذا استويا غلب حكم الخطر فَأَمَّا الْجُبَّةُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْخَزِّ وَالْإِبْرَيْسِمِ فَلَا بَأْسَ يَلْبَسُهَا وَلَكِنْ لَوْ كَانَ أَحَدُ جَانِبَيْهَا حَرِيرًا وَالْآخَرُ قُطْنًا لَمْ يَجُزْ لُبْسُهُ سَوَاءٌ كَانَ الحرير ظاهره أو باطنه لأن لَابِسٌ لَهُ.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لِمُفَاجَأَةِ الْحَرْبِ أَوْ لِعِلَّةٍ دَاعِيَةٍ إِلَى لُبْسِهِ فَلَا بَأْسَ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرخص للزبير ابن الْعَوَّامِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي لُبْسِ ذَلِكَ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا.

(فَصْلٌ)

: فَأَمَّا الذَّهَبُ فَمُحَرَّمٌ عَلَى الرِّجَالِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ خَالِصًا مُنْفَرِدًا أَوْ مَشُوبًا مُخْتَلِطًا بِخِلَافِ الْحَرِيرِ الَّذِيِ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ يَسِيرِهِ إِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الذَّهَبَ يَظْهَرُ قَلِيلُهُ كَظُهُورِ كَثِيرِهِ يَغْلِبُ لَوْنُهُ عَلَى لَوْنِ مَا اخْتَلَطَ بِهِ وَالْإِبْرَيْسِمُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ طُلِيَ الذَّهَبُ بِغَيْرِهِ حَتَّى لَمْ يَظْهَرْ أَوْ صَدِيَ حَتَّى خَفِيَ لَوْنُهُ جَازَ لُبْسُهُ كَالْقَزِّ إِذَا كَانَ حَشْوَ الْجُبَّةِ.

فَإِنِ اسْتُعْمِلَ الذَّهَبُ لِضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ جَازَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ، لِرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن طرفة أن عرفجة بن أسعد أُصِيبَتْ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَدَّ أَسْنَانَهُ بِالذَّهَبِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا أَكْرَهُ اللُّؤْلُؤَ إِلَّا لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْأَدَبِ وَأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ وَلَا أَكْرَهُ الْيَاقُوتَ وَالزَّبَرْجَدَ.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا أَكْرَهُ لِمَنْ كَانَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْحَرْبِ بَلَاءً أَنْ يُعَلَّمَ وَلَا أَنْ يَرْكَبَ الْأَبْلَقَ قَدْ أَعْلَمَ حَمْزَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ بَدْرٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَلَا بَأْسَ بِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ بَأْسًا وَإِقْدَامًا أَنْ يُشْهِرَ نَفْسَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>