للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَائِمِ مِنَ النَّوْمِ فَاسْتَوَيَا فِي تَقْدِيمِ الْغَسْلِ عَلَى الْغَمْسِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ غَمَسَ الْمُتَوَضِّئُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهِمَا فَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِ فَالْمَاءُ طَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ وَإِنْ تَيَقَّنَ نَجَاسَةَ يَدِهِ فَهِيَ نَجَاسَةٌ وَرَدَتْ عَلَى مَاءٍ قَلِيلٍ فَيَكُونُ نجسا.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ثَمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الِإنَاءِ فَيَغْرِفُ غَرْفَةً لِفِيهِ وَأَنْفِهِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيُبْلِغُ خَيَاشِيمَهُ الْمَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فَيَرْفَقُ ".

قال الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِيِ فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي أَصْلِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ.

وَالثَّانِي: فِي صِفَتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي أَصْلِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى أربعة مذاهب.

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَالِكٌ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ، وَفِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى الَّتِي هِيَ الْغُسْلُ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَإِسْحَاقَ أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى والصغرى معا.

والمذهب الثالث: وهو قول أحمد وداود وأبو ثَوْرٍ أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبٌ فِي الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَالْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ فِيهِمَا.

وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة وَصَاحِبَيْهِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى مَسْنُونَتَانِ فِي الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَوْجَبَهُمَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ بِغُسْلِ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُمَا وَفِعْلُهُ بَيَانٌ وَاسْتَدَلَّ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْشَاقَ فِيهِمَا دُونَ الْمَضْمَضَةِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرْهُ " وَبِحَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أخبرني عن الوضوء قال: أسبغ الوضوء وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>