للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ قَالَ فَانْجَابَ كانجباب الثَّوْبِ وَرَوَى أَبُو مُسْلِمٍ الْمُلَائِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ يَثِبُ وَلَا صَبِيٌّ يَصِيحُ ثُمَّ أنشد:

(أتيناك والعذر يَدْمَى لَبَانُهَا ... وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ)

(وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِيِّ وَالْعِلْهِزِ الْغَسْلِ)

(وَلَيْسَ لَنَا إلا إليك قرارنا ... وأي قرار النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ)

فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجر رداء حَتَى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، سَحًّا طَبَقًا غَيْرَ رَائِثٍ تُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ، وَتَمْلَأُ بِهِ الضَّرْعَ، وَتُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ فَمَا اسْتَتَمَّ الدُّعَاءُ حَتَى أَلْقَتِ السَّمَاءُ بِأَبْرَاقِهَا فَجَاءَ أَهْلُ الْبَادِيَةِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْغَرَقُ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ كَالْإِكْلِيلِ، وَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَقَالَ لِلَّهِ دَرُّ أَبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيًّا لَقَرَّتْ عَيْنَاهُ، مَنِ الَّذِي يُنْشِدُنَا شِعْرَهُ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ قوله:

(وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل)

(يَلُوذُ بِهِ الْهلال مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ)

(كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يبزي مُحَمَّدَا ... وَلَمَّا نُقَاتِلْ دُوْنَهُ وَنُنَاضِلِ)

(وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نصرع حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ)

فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَأَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في ذلك:

(لله الحمد والحمد من شكرٍ ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ)

(دَعَا اللَّهَ خَالِقَهُ دَعْوَةً ... وَأَشْخَصَ مَعْهَا إِلَيْهِ الْبَصَرْ)

(فَلَمْ يك إلا كإلغاء الرواء ... وَأَسْرَعَ حَتَّى رَأَيْنَا الدُّرَرْ)

(رِقَاقُ الْعَوَالِي جَمُّ العنان ... أَغَاثَ بِهِ اللَّهُ عُلْيَا مُضَرْ)

(وَكَانَ كَمَا قَالَهُ عَمُّهُ ... أَبُو طَالِبٍ أَبْيَضُ ذُو غُرَرْ)

(بِهِ اللَّهُ يَسْقِي صَوْبَ الْغَمَامِ ... وَهَذَا الْعِيَانُ لذاك الخبر)

<<  <  ج: ص:  >  >>