للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنْ يَكُنْ شَاعِرا يُحْسِنُ فَقَدْ أَحْسَنْتَ.

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَقِيَّةِ آبَائِهِ وَكُبْرِ رِجَالِهِ فَاحْفَظِ اللَّهُمَّ نَبِيَّكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي عَمِّهِ، فَقَدْ دَنَوْنَا إِلَيْكَ مُسْتَعْفِينَ إِلَيْكَ وَمُسْتَغْفِرِينَ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَيْنَاهُ تَنْضُجَانِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الرَّاعِي لَا تُهْمِلِ الضَّالَّةَ، فُقِدَ الضَّرْعُ الصَّغِيرُ وَدَقَّ الْكَبِيرُ، وَارْتَفَعَتِ الشَّكْوَى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى، اللَّهُمَّ فَأَغِثْهُمْ بِغِيَاثِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْنَطُوا فَيَهْلِكُوا فَإِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ، قَالَ فَنَشَأَتِ السَّحَابُ وَهَطَلَتِ السَّمَاءُ فَطَبَّقَ النَّاسُ بِالْعَبَّاسِ يَمْسَحُونَ أَرْكَانَهُ وَيَقُولُونَ هَنِيئًا لَكَ سَاقِيَ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

(سَأَلَ الْإِمَامُ وَقَدْ تَتَابَعَ جَدْبُنَا ... فَسَقَى الْإِمَامَ بِغُرَّةِ الْعَبَّاسِ)

(عَمِّ النَّبِيِّ وَصِنْوِ وَالِدِهِ الَّذِي ... وَرِثَ النَّبِيَّ بذاك دون الناس)

(أحيي الْإِلَهُ بِهِ الْبِلَادَ فَأَصْبَحَتْ ... مُخْضَرَّةَ الْأَجْنَابِ بَعْدَ الْيَأسِ)

(فَصْلٌ)

: فَإِذَا كَانَ الْجَدْبُ وَمُنِعَ النَّاسُ الْقَطْرَ فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْرُجَ لِلِاسْتِسْقَاءِ إِلَى الجبانة، وَحَيْثُ يُصَلِّي لِلْأَعْيَادِ، اتِّبَاعًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاقْتِدَاءً بِخُلَفَائِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَوْسَعُ وَأَوْفَقُ بِالنَّاسِ، لِكَثْرَةِ جَمْعِهِمْ وَيُخْتَارُ أَنْ يَتَنَظَّفَ بِالْمَاءِ، وَيَسْتَاكَ، وَيَقْطَعَ تَغْيِيرَ الرَّائِحَةِ عَنْ بَدَنِهِ، ويَخْرُجُ مُبْتَذَلًا فِي ثِيَابِ تَوَاضُعٍ وَاسْتِكَانَةٍ نظاف غير جددا، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَخْرُجُ لِلِاسْتِسْقَاءِ مُبْتَذِلًا مُتَوَاضِعًا وَلِأَنَّهُ يَوْمُ اعْتِذَارٍ وَتَنَصُّلٍ وَسُؤَالٍ وَاسْتِغَاثَةٍ وَتَرَحُّمٍ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّعْظِيمِ فِي تَحْسِينِ الْهَيْئَةِ، وَخَالَفَ الْعِيدُ لِأَنَّهُ يوم سرود وَزِينَةٍ، وَمَا اخْتَرْنَاهُ لِلْإِمَامِ مِنْ هَذا اخْتَرْنَاهُ للناس كافة.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: " وأحب أن تخرج الصبيان ويتنظفوا للاستسقاء وكبار النساء وَمَنْ لَا هَيْئَةَ لَهَا مِنْهُنَّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قَالَ لَوْلَا مَشَايُخُ رُكعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ، وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ، لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبًّا " وَلِأَنَّ الصِّبْيَانَ أَحَقُّ بِالرَّحْمَةِ، وَأَقْرَبُ إِلَى إِجَابَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>