للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ نَجِسٌ وَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُ الْمَيِّتِ بِهِ لِضَعْفِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِذَا انْفَصَلَ مِنَ الْحَيِّ، وَلَوْ وُجِدَ لِلْمَيِّتِ طَرَفٌ مُنْفَصِلٌ صُلِّيَ عليه.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَغَيْرُ الْمُسَخَّنِ مِنَ الْمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بردٌ أَوْ يَكُونَ بِالْمَيِّتِ مَا لا ينقيه إلا المسخن فيغسل به ويغسل في قميص ولا يمس عورة الميت بيده ويعد خرقتين نظيفتين لذلك قبل غسله ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ:

إِنَّمَا اخْتَرْنَا الْمُسَخَّنَ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ، وَلِأَنَّ الْمُسَخَّنَ يُرْخِي لَحْمَ الْمَيِّتِ، وَالْبَارِدَ يَشُدُّ لَحْمَهُ وَيُقَوِّيهِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ بِهِ ضَرُورَةٌ لِتَسْخِينِهِ، لِشِدَّةِ الْبَرْدِ الْمَانِعِ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، أَوْ يَكُونُ بِالْمَيِّتِ مِنَ الْوَسَخِ مَا لَا يَعْمَلُ الْبَارِدُ فِي إِزَالَتِهِ، فَلَا بَأْسَ بِتَسْخِينِ الْمَاءِ وَتَغْيِيرِهِ، وَيُخْتَارُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِلْحًا مِنْ مَوْضِعٍ وَاسِعٍ كَثِيرِ الْحَرَكَةِ وَالْجَرَيَانِ، وَيُغَسَّلَ فِي قَمِيصٍ لِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُتِرَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ، وَلَا يَمَسُّ الْغَاسِلُ عَوْرَتَهُ بِيَدِهِ، وَيَغْسِلُهَا بِالْخِرْقَةِ الَّتِي يَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ، وَيُعِدُّ خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ قَبْلَ غَسْلِهِ، إِحْدَاهُمَا لِعَوْرَتِهِ وَالْأُخْرَى لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَقِيلَ بَلِ الخرقتان مَعًا لِعَوْرَتِهِ، لِيَكُونَ إِذَا ألقى أحديهما وَاتَّخَذَ الْأُخْرَى غَسَلَ الْأُولَى؛ لِيَعُودَ إِلَى اسْتِعْمَالِهَا ولا ينتظر غسلها فيطول.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُلْقِي الْمَيِّتَ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَبْدَأُ غَاسِلُهُ فَيُجْلِسُهُ إِجْلَاسًا رَفِيقًا وَيُمِرُّ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ إمراراً بليغاً والماء يصب عليه ليخفى شيء إن خرج منه وعلى يده إحدى الخرقتين حتى ينقي ما هنالك ثم يلقها لتغسل ثم يأخذ الأخرى ثم يبدأ فيدخل أصبعه في فيه بين شفتيه ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء ويدخل طرف إصبعيه في منخريه بشيء من ماء فينقى شيئاً إن كان هناك ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ الْغَاسِلُ بَعْدَ إِلْقَاءِ الْمَيِّتِ عَلَى ظَهْرِهِ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ.

أَوَّلُهَا: أَنْ يُجْلِسَهُ إِجْلَاسًا رَفِيقًا مِنْ غَيْرِ عَجَلَةٍ وَلَا عُنْفٍ وَيَكُونُ جُلُوسًا مَائِلًا إِلَى ظَهْرِهِ، وَلَا يَكُونَ مُعْتَدِلًا فَيَحْتَبِسَ الْخَارِجُ مِنْهُ، ثُمَّ يُمِرُّ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ إِمْرَارًا بَلِيغًا فِي التَّكْرَارِ لَا فِي شِدَّةِ الِاجْتِهَادِ، وَالْمَاءُ يُصَبُّ مِنْ خَلْفِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ لِيَخْفَى شَيْءٌ إِنْ خَرَجَ مِنْهُ، فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ " لِيَخْفَى " لِيَظْهَرَ شَيْءٌ إِنْ خَرَجَ مِنْهُ، وَهَذَا تَكَلُّفٌ وَعُدُولٌ عَنْ مَعْنَى الظَّاهِرِ، ثُمَّ يَأْخُذُ إِحْدَى الْخِرْقَتَيْنِ فَيُنْجِيهِ بِهَا مِنْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ، فَإِنْ أَنْقَى ذَلِكَ أَلْقَى الْخِرْقَةَ تُغْسَلُ وَأَخَذَ الْأُخْرَى وَاسْتَعْمَلَهَا على

<<  <  ج: ص:  >  >>