للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكم في عمارة وَأَبْعَدُ فِي بِلَى أَكْفَانِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي اللَّحْدِ فُرُجٌ سَدُّوهَا بِقِطَعِ اللَّبِنِ، ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَالْإِهَالَةُ أَنْ يَطْرَحَ مِنْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، لِرِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَهَالَ عَلَى قَبْرِ ميتٍ بِكَفَّيْهِ ثَلَاثًا " ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِ بِالْمِسَاحِي، لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْرَعُ فِي عَمَلِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُزَادَ في القبر أكثر من ترابه، لأن لا يَعْلُوَ جِدًّا، وَيَخْتَارُ أَنْ يُرْفَعَ الْقَبْرُ عَنِ الأرض قدر شبر أو نحوه ليعلم أن قبر، فيترحم عليه، ولأن لا يَنْسَاهُ مَنْ يَجْهَلُ أَمْرَهُ.

فَصْلٌ

: الْمُخْتَارُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنْ تُسْطَحَ الْقُبُورُ وَلَا تُسْنَمَ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أبي حنيفة أَنْ تُسْنَمَ وَلَا تُسْطَحَ، وَاخْتِيَارُ الشَّافِعِيِّ أَوْلَى، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَطَحَ قَبْرَ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرُوِيَ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَبَرَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ فَسَطَحَ قَبْرَهُ " وَرُوِيَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّهْ اكْشِفِي عَنْ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَشَفَتْ فَرَأَيْتُ قَبْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مُسَطَّحَةً.

فَصْلٌ

: فَإِذَا سَطَحَ الْقَبْرَ وَفَرَغَ مِنْهُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءَ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَاءَ، وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَقَاءً، وَلَا يُبَرِّكُهُ الْمَاءَ، وَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُبَرِّدُ عَلَيْهِ مَضْجَعَهُ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أَحْفَظُ لِلْقَبْرِ وَأَبْقَى لِأَثَرِهِ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى الْقَبْرِ حَصًا، وَهُوَ الْحَصَا الصِّغَارُ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَضَعَ عَلَى قَبْرِ ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَصْبَاءِ الْعَرْصَةِ، ثُمَّ يُوضَعُ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ صَخْرَةً أَوْ عَلَامَةً يُعْرَفُ بِهَا، وَعِنْدَ رِجْلَيْهِ أَيْضًا مِثْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا قَبَرَ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَضَعَ عِنْدَ قَبْرِهِ حَجَرَيْنِ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ: أَجْعَلُ لِقَبْرِ أَخِي عَلَامَةً أَدْفِنُ عِنْدَهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِهِ ".

فَصْلٌ

: قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الدَّفْنُ فِي الصَّحْرَاءِ لَا فِي الْبُيُوتِ وَالْمَسَاكِنِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِكَثْرَةِ الدَّاعِي لَهُ إِذَا دَرَسَ قَبْرُهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ الْقُبُورِ الدَّارِسَةِ " وَيُخْتَارُ لِمَنْ مَرَّ بِالْقُبُورِ أَنْ يَدْعُوَ لِأَهْلِهَا بالرحمة، ويسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>