للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: أَنَّ الْكَفَنَ رُبَّمَا تَعَيَّنَ عَلَى صَاحِبِهِ بتكفين الْمَيِّتِ بِهِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، وَالْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ لَا يَتَعَيَّنُ الدَّفْنُ فِيهَا لِوُجُودِ غَيْرِهَا مِنَ الْمُبَاحِ، فَكَانَ حُكْمُ الْأَرْضِ أَغْلَظَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ وَيُمْكِنُ قَلْبُ الْفُرُوقِ بِمَا هو أولى منها.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " وَالْمَرْأَةُ في غسلها كالرجل وتتعهد بأكثر ما يتعهد به الرجل وأن يضفر شعر رأسها ثلاثة قرون فيلقين خلفها لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمر بذلك أم عطية في ابنته وبأمره غسلتها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُمَا لَمَّا اسْتَوَيَا فِي غُسْلِهِمَا حَيَّيْنِ اسْتَوَيَا فِي غُسْلِهِمَا مَيِّتَيْنِ، لَكِنْ يَنْبَغِي لِغَاسِلِ الْمَرْأَةِ أَنْ يَزِيدَ في تفقد بدنها وتعاهد جسدها لمالها مِنَ الْعُكَنِ الَّتِي يَعْدِلُ الْمَاءُ عَنْهَا ثُمَّ يَجْعَلُ شَعْرَ رَأْسِهَا ثَلَاثَ ضَفَائِرَ خَلْفَهَا.

وَقَالَ أبو حنيفة: يجعل ضفيرتين تلتقيان عَلَى صَدْرِهَا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى: لِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قالت: ظفرنا شَعْرَ أُمِّ كُلْثُومٍ ابنةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا، وَأُمُّ عَطِيَّةَ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ أَمْرٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَتُكَفَّنُ بِخَمْسَةِ أَثْوَابٍ خمارٌ وإزارٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ (قَالَ الْمُزَنِيُّ) وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهَا دِرْعًا لِمَا رَأَيْتُ فِيهِ مِنَ قَوْلِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ قَالَ بِهِ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً مَعَهَا ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْوَاجِبُ مِنْ كَفَنِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهَا إِلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا، أَمَّا الْمَسْنُونُ مِنْهُ وَمَا جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ، لِأَنَّ حُكْمَ عَوْرَتِهَا أَغْلَظُ وَلِبَاسَهَا فِي الْحَيَاةِ أَكْمَلُ، وَقَدْ رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ فِي غَسْلِهَا بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُنَاوِلُهَا بِيَدِهِ ثَوْبًا ثَوْبًا حَتَّى دَفَعَ إِلَيْهَا خَمْسَةً. فَأَمَّا صِفَةُ هَذِهِ الْأَثْوَابِ الْخَمْسَةِ فَهِيَ مِئْزَرٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارَانِ، وَفِي الخامس قولان:

أحدهما: إزار ثان.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّهُ دِرْعٌ لِمَا رَوَتْ لَيْلَى الثَّقَفِيَّةُ أَنَّهَا قَالَتْ: " كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَوَّلُ مَا نَاوَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْإِزَارَ ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ الثَّوْبَ الَّذِي أَدْرَجْنَاهَا فِيهِ " فَعَلَى هَذَا تُؤَزَّرُ أَوَّلًا ثُمَّ تُدْرَعُ ثُمَّ تُخَمَّرُ ثُمَّ تُلَفُّ فِي ثَوْبَيْنِ، وَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُشَدُّ عَلَى صَدْرِهَا بِثَوْبٍ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ هَذَا الثَّوْبُ مِنْ جُمْلَةِ الْخَمْسَةِ أَوْ زَائِدٍ عَلَيْهَا، فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>