للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ لَهُ حِينَ مَاتَ سِتَّةَ عَشَرَ وَقِيلَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، قَالَ: وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ شَفَاعَةٌ وَدُعَاءٌ لِأَهْلِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا وَالطِّفْلُ لَا ذَنْبَ لَهُ وَهُوَ مَغْفُورٌ لَهُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مع الظاهر الْعَامَّةِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ وَوُرِّثَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ " وَرَوَى أَنَسٌ وَالْمُغِيرَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صُلِّيَ عَلَيْهِ " وَلِأَنَّهُ كَالْكَبِيرِ فِي مِيرَاثِهِ وَإِيجَابِ الْقَوَدِ عَلَى قَاتِلِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَالْكَبِيرِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ.

وَمَا اسْتُدِلَّ بِهِ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَمْ يُصَلِّ عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ " فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى عَلَى ابْنِهِ، وَكِلَا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيحَةٌ فَمَنْ رَوَى أَنَّهُ صَلَّى يَعْنِي أَنَّهُ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَمَنْ رَوَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ فَعَنَى بِنَفْسِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِصَلَاةِ الْخُسُوفِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الصَّلَاةَ شَفَاعَةٌ لِأَهْلِ الْخَطَايَا فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ لَكَانَ الْمَجْنُونُ وَالْأَبْلَهُ وَمَنْ لَا عَقْلَ لَهُ لَا ينبغي أن يصلي، لأنه ممن لا ذنب عليه، ولكان الأنبياء عليهم السلام لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّلَاةِ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ غَفَرَ لَهُمْ، فَلَمَّا قَالَ الْجَمِيعُ إِنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْوَاجًا وَزُمَرًا بِغَيْرِ إِمَامٍ دَلَّ عَلَى بُطْلَانِ مَا قَالَهُ.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ حَرَكَةٍ وَلَا اسْتِهْلَالٍ فَلَهُ حَالَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْقُطَ لِدُونِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بَلْ يُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ وَيُدْفَنُ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَسْقُطَ وَقَدْ بَلَغَ الزَّمَانَ الَّذِي يَنْفُخُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِ الرُّوحَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " يُخْلَقُ أَحَدُكُمْ فَيَبْقَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَةً، ثُمَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَةً، ثُمَّ يَأْتِي ملكٌ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيَكْتُبُ أَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَأَنَّهُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ " وَإِذَا بَلَغَ الْحَدَّ الَّذِي يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَفِي إِيجَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قولان:

<<  <  ج: ص:  >  >>