للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعَ الْيَسَار وَقد سَقَطت بِمُضِيِّ الْمدَّة بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة إِذا قضى بهَا القَاضِي فَإِنَّهَا تجب مَعَ يسارها كَمَا مر فَلَا تسْقط بِحُصُول الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا فِيمَا مضى إِلَّا أَن يَأْذَن القَاضِي فِي الِاسْتِدَانَة عَلَيْهِ لِأَن للْقَاضِي ولَايَة عَامَّة فَصَارَ اذنه كأمر الْغَائِب فَيصير دينا فِي ذمَّته فَلَا يسْقط بِمُضِيِّ الْمدَّة

وعَلى الْمولى أَن ينْفق على عَبده وَأمته لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي المماليك إِنَّهُم إخْوَانكُمْ جعلهم الله تَعَالَى تَحت أَيْدِيكُم أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ وَلَا تعذبوا عباد الله فَإِن امْتنع وَكَانَ لَهما كسب اكتسبا وأنفقا لِأَن فِيهِ نظرا للجانبين وَإِن لم يكن لَهما كسب بِأَن كَانَ عبدا زَمنا أَو جَارِيَة لَا يُؤَاجر مثلهَا أجبر الْمولى على بيعهمَا لِأَنَّهُمَا من أهل الِاسْتِحْقَاق وَفِي البيع إبْقَاء حَقّهمَا وإبقاء حق الْمولى بالخلف بِخِلَاف نَفَقَة الزَّوْجَة لِأَنَّهَا تصير دينا فَكَانَ تَأْخِيرا على مَا ذَكرْنَاهُ وَنَفَقَة الْمَمْلُوك لَا تصير دينا فَكَانَ ابطالا وَبِخِلَاف سَائِر الْحَيَوَانَات لِأَنَّهَا لَيست من أهل الِاسْتِحْقَاق فَلَا يجْبر على نَفَقَتهَا إِلَّا أَنه يُؤمر بهَا فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن تَعْذِيب الْحَيَوَان وَفِيه ذَلِك وَنهى عَن اضاعة المَال وَفِيه اضاعة

وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجْبر على الانفاق فِي الْبَهَائِم وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَالأَصَح مَا قُلْنَاهُ أَولا لِأَن إِجْبَار القَاضِي على الْإِنْفَاق يكون عِنْد الطّلب وَالْخُصُومَة من صَاحب الْحق وَلَا خصم فَلَا جبر لفَوَات شَرط الْقَضَاء وَلَكِن تجب فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى كَمَا قَالَه أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى

وَفِي المنبع وَلَو كَانَت دَابَّة بَين رجلَيْنِ فَطلب أَحدهمَا من القَاضِي أَن يَأْمُرهُ بِالنَّفَقَةِ حَتَّى لَا يكون مُتَطَوعا فَالْقَاضِي يَقُول للآبي إِمَّا أَن تبيع نصيبك مِنْهَا أَو تنْفق عَلَيْهَا هَكَذَا ذكر الْخصاف وَذكر شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَنه لَا يجْبر وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم

الْفَصْل الْخَامِس عشر فِي الْإِعْتَاق

الْإِعْتَاق تصرف مَنْدُوب إِلَيْهِ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَيّمَا مُسلم أعتق مُؤمنا أعتق الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار وَلِهَذَا استحسنوا أَن يعْتق الرجل العَبْد وَالْمَرْأَة الْأمة لتحَقّق مُقَابلَة الْأَعْضَاء بالأعضاء

الْعتْق يَصح من الْحر الْعَاقِل الْبَالِغ فِي ملكه شَرطه الْحُرِّيَّة لِأَن الْعتْق لَا يَصح الا فِي الْملك وَلَا ملك للمملوك وَالْبُلُوغ لِأَن الصَّبِي لَيْسَ من أَهله لكَونه ضَرَرا ظَاهرا وَلِهَذَا لَا يملكهُ الْمولى عَلَيْهِ وَالْعقل لِأَن الْمَجْنُون لَيْسَ بِأَهْل للتَّصَرُّف وَلِهَذَا لَو قَالَ الْبَالِغ أعتقت وَأَنا صبي فَالْقَوْل قَوْله وَكَذَا لَو قَالَ الْمُعْتق أعتقت وَأَنا مَجْنُون وجنونه كَانَ ظَاهرا لوُجُود الاسناد إِلَى حَالَة مُنَافِيَة وَكَذَا إِذا قَالَ الصَّبِي كل مَمْلُوك أملكهُ حر إِذا احْتَلَمت لَا يَصح لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْل لقَوْل مُلْزم

وَلَا بُد أَن يكون العَبْد فِي ملكه حَتَّى لَو أعتق عبد غَيره لَا ينفذ لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عتق فِيمَا لَا يملك ابْن آدم وَإِذا قَالَ لعَبْدِهِ أَو أمته أَنْت حر أَو مُعتق أَو عَتيق أَو مُحَرر أَو حررتك أَو أَعتَقتك فقد عتق نوى بِهِ الْعتْق أَو لم ينْو لِأَن هَذِه الْأَلْفَاظ صَرِيح فِيهِ وَلَو قَالَ عنيت بِهِ الاخبار الْبَاطِل أَو أَنه حر من الْعَمَل صدق ديانَة لِأَنَّهُ يحْتَملهُ وَلَا يدين قَضَاء لِأَنَّهُ نوى خلاف الظَّاهِر وَلَو قَالَ لَا ملك لي عَلَيْك

<<  <   >  >>