للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرَّهْن للرَّاهِن فَكَانَت الْمَنْفَعَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ شربه وَكَذَلِكَ كسْوَة الرَّقِيق وَأُجْرَة ظئر ولد الرَّهْن وَسقي الْبُسْتَان وتلقيح نخيله جذاده وَالْقِيَام بمصالحه وَأُجْرَة الرَّاعِي وَسَوَاء كَانَ بِالرَّهْنِ فضل أَو لم يكن لِأَن يَده على الصُّورَة أَمَانَة فَيكون بِمَنْزِلَة الْمُودع وَجعل الْآبِق على الْمُرْتَهن إِذا كَانَت قيمَة الرَّهْن وَالدّين سَوَاء لِأَن الْمحل مَضْمُون فَيحْتَاج الى الْإِعَانَة ليَرُدهُ على الْمَالِك وَإِن كَانَت قيمَة الرَّهْن أَكثر من الدّين كَانَ على الرَّاهِن مِقْدَار الزِّيَادَة لِأَن يَده على الزِّيَادَة كيد الْمُودع فَلَا يلْحقهُ الضَّمَان لخلاف أُجْرَة الْمسكن لِأَن حق الْحَبْس فِي الْكل ثَابت حَقًا للْمُرْتَهن

وَكَذَلِكَ مداواة الْجِرَاحَات والقروح والأمراض فتنقسم على قدر الْأَمَانَة وَالضَّمان كجعل الْآبِق وَفِي البزازي ثمن الدَّوَاء وَأُجْرَة الطَّبِيب على الْمُرْتَهن وَذكر الْقَدُورِيّ أَن كل مَا كَانَ من حِصَّة الْأَمَانَة فعلى الرَّاهِن وَمن الْمَشَايِخ من قَالَ ثمن الدَّوَاء على الْمُرْتَهن لَا يلْزم أَن لَو حدثت الْجراحَة فِي يَده فَلَو عِنْد الرَّاهِن فَعَلَيهِ وَقَالَ بَعضهم على الْمُرْتَهن بِكُل حَال وَقَالَ الْفَقِيه الْحَارِث مَا كَانَ عِنْد الْمُرْتَهن يجب عَلَيْهِ ثمن دوائه وَأُجْرَة طبيبه وَمَا كَانَ عِنْد الرَّاهِن إِن لم يزدْ عِنْد الْمُرْتَهن حَتَّى احْتَاجَ الى زِيَادَة المداواة فالمداواة على الْمُرْتَهن وَلَكِن لَا يجْبر عَلَيْهِ لِأَن الرَّاهِن لَا يجْبر على المداواة وَإِن أجبر على النَّفَقَة فالمرتهن أولى وَلَكِن يُقَال لَهُ هَذَا قد حدث عنْدك فَإِن كنت تُرِيدُ إصْلَاح مَالك فدواه

وَمَا أنْفق الْمُرْتَهن على الرَّاهِن حَال غيبَة الرَّاهِن فمتطوع فِيهِ وَإِن كَانَ بِأَمْر الْحَاكِم وَجعله دينا على الرَّاهِن فَهُوَ دين عَلَيْهِ كَذَا قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَهَذَا الْكَلَام إِشَارَة الى أَنه بِمُجَرَّد أَمر الْحَاكِم لَا يصير دينا عَلَيْهِ مَا لم يَجعله دينا عَلَيْهِ كَمَا صرح بِهِ وَأكْثر الْمَشَايِخ على هَذَا لِأَن هَذَا الْأَمر لَيْسَ للإلزام حتما بل للنَّظَر وَهُوَ مُتَرَدّد بَين الْأَمريْنِ بَين الْأَمر حسبَة وَبَين الْأَمر ليَكُون دينا والأدنى أولى مَا لم ينص على الْأَعْلَى

وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى أَنه إِذا أنْفق عَلَيْهِ حَال غيبَة الرَّاهِن بِأَمْر الْحَاكِم يرجع وَإِن كَانَ بِحَضْرَتِهِ بِالْأَمر لَا يرجع وَعَن أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يرجع فيهمَا وَذكر الناطفي وَمَا يجب على الرَّاهِن إِذا فعله الْمُرْتَهن أَو مَا على الْمُرْتَهن إِذا فعله الرَّاهِن فَهُوَ مُتَطَوّع

إِذا أَخذ السُّلْطَان الْخراج وَالْعشر من الْمُرْتَهن لَا يرجع على الرَّاهِن لِأَنَّهُ إِن تطوع فَهُوَ مُتَبَرّع وَإِن كَانَ مكْرها فقد ظلمه السُّلْطَان والمظلوم لَا يرجع الا على الظَّالِم انْتهى

وَيبِيع مَا يخَاف الْفساد عَلَيْهِ باذن الْحَاكِم وَيكون رهنا فِي يَده وَالْخَرَاج على الرَّاهِن خَاصَّة لِأَنَّهُ مُؤنَة الْملك فَيكون على الْمَالِك

وَفِي الملتقطات الْأَب إِذا رهن من مَال الصَّغِير شَيْئا بدين على نَفسه ذكر أَنه يجوز وَإِن كَانَ الرَّاهِن أَكثر قيمَة من الدّين فَهَلَك الرَّهْن ضمن الْأَب قدر الدّين دون الزِّيَادَة بِخِلَاف الْوَصِيّ فَإِنَّهُ يضمن قِيمَته وَالْفرق أَن للْأَب أَن ينْتَفع بِمَال الصَّغِير عِنْد الْحَاجة وَلَا كَذَلِك الْوَصِيّ

وَفِي البزازي رهن الْأَب مَتَاع الصَّغِير وَأدْركَ الابْن وَمَات الْأَب لَيْسَ للِابْن أَخذه قبل قَضَاء الدّين لِأَن تصرف الْأَب لَازم كتصرف الابْن نَفسه وَيرجع الابْن فِي مَال الْأَب إِن كَانَ رَهنه لنَفسِهِ لِأَنَّهُ مُضْطَر فِيهِ كمعير الرَّهْن

<<  <   >  >>