للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا يَصح إِقْرَاره بِالْمَالِ وَإِن كَانَ يَصح بالحدود وَالْقصاص لِأَن ذمَّته ضعفت برقه فانضمت إِلَيْهَا مَالِيَّة الرَّقَبَة وَالْكَسْب وَهِي ملك الْمولى فَلَا يَصح إِقْرَاره عَلَيْهِ بِخِلَاف العَبْد الْمَأْذُون فَإِن إِقْرَاره بالديون وَبِمَا فِي يَده صَحِيح لِأَن الْمولى رضى بِإِسْقَاط حَقه بالتسليط عَلَيْهِ والنائم والمغمى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ وَإِقْرَار السَّكْرَان جَائِز بالحقوق كلهَا الا بالحدود الْخَالِصَة وَالرِّدَّة وتنفذ سَائِر التَّصَرُّفَات من السَّكْرَان كَمَا تنفذ من الصاحي وَسَيَجِيءُ تَمَامه فِي فصل الطَّلَاق إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وكما يَصح الْإِقْرَار بالمعلوم يَصح بِالْمَجْهُولِ بِخِلَاف الْجَهَالَة فِي الْمقر لَهُ فَإِنَّهُ يمْنَع صِحَة الاقرار بِلَا خلاف

وَفِي الذَّخِيرَة جَهَالَة الْمقر لَهُ إِنَّمَا تمنع صِحَة الْإِقْرَار إِذا كَانَت متفاحشة بِأَن قَالَ هَذَا العَبْد لوَاحِد من النَّاس أما إِذا لم تكن متفاحشة لَا تمنع بِأَن قَالَ هَذَا العَبْد لأحد هذَيْن الرجلَيْن

وَقَالَ شمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ رَحمَه الله تَعَالَى الْجَهَالَة تمنع أَيْضا فِي هَذِه الصُّورَة لِأَنَّهُ أقرّ للْمَجْهُول وَأَنه لَا يُفِيد لِأَن فَائِدَته الْجَبْر على الْبَيَان وَهَا هُنَا لَا يجْبر على الْبَيَان وَالأَصَح أَنه يَصح لِأَنَّهُ يُفِيد وَفَائِدَته وُصُول الْحق إِلَى الْمُسْتَحق وَطَرِيق الْوُصُول ثَابت لِأَنَّهُمَا لَو اتفقَا على أَخذه فَلَهُمَا حق الْأَخْذ فَالْحَاصِل أَن الْإِقْرَار للْمَجْهُول لَا يَصح إِذا كَانَت الْجَهَالَة متفاحشة وَإِذا لم تكن متفاحشة يجوز وَالْإِقْرَار بِمَجْهُول يَصح مُطلقًا مَعْلُوما كَانَ أَو مَجْهُولا وَأما الْإِبْرَاء عَن الْحُقُوق المجهولة يَصح بعوض وبدونه

وَفِي المنبع الْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يَصح ثمَّ قَالَ وَفِي الْبَدَائِع لَو ابرأه عَن ضَمَان الْعين وَهِي قَائِمَة فِي يَده صَحَّ الابراء وَسقط عَنهُ الضَّمَان عِنْد أَصْحَابنَا الثَّلَاثَة وَقَالَ زفر لَا يَصح لِأَن الْإِبْرَاء إِسْقَاط وَإِسْقَاط الْأَعْيَان لَا يعقل فالتحق بِالْعدمِ وَبقيت الْعين مَضْمُونَة كَمَا كَانَت وَإِذا هَلَكت ضمن

رجل فِي يَده دَار ادَّعَاهَا آخر فَقَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْك الْقيَاس أَن يُؤمر بِالدفع إِلَى الْمُدَّعِي إِلَى أَن يبرهن على الشِّرَاء مِنْهُ وَفِي الِاسْتِحْسَان يُمْهل ثَلَاثَة ايام بعد التكفيل عَلَيْهِ فَإِن برهن وَإِلَّا سلم إِلَى الْمُدَّعِي وعَلى الْقيَاس وَالِاسْتِحْسَان إِذا ادّعى الْمَدْيُون الْإِيفَاء وجحده الْمُدَّعِي فَلَا بُد من برهَان الْمُدَّعِي عَلَيْهِ

وَكَانَ الامام ظهير الدّين يُفْتِي فِيهَا بِالْقِيَاسِ

أقرّ أَنه اقْتضى من فلَان ألفا كَانَت لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ فلَان لم يكن لَك عَليّ شَيْء يضمن الْمقر بعد مَا يحلف الْمقر لَهُ على أَنه لم يكن لَهُ عَلَيْهِ شَيْء

قَوْله عِنْد دَعْوَى المَال عَلَيْهِ مَا قبضت مِنْك بِغَيْر حق لَا يكون إِقْرَارا وَلَو قَالَ دَفعته إِلَى أَخِيك بِأَمْرك إِقْرَار بِالْقَبْضِ فَلَا يبرأ بِلَا إِثْبَات الْأَمر بالإيصال والاتصال وَلَو قَالَ بِأَيّ سَبَب دَفعته الي قَالُوا يكون إِقْرَارا وَفِيه نظر

قدمه قبل حُلُول الْأَجَل إِلَى الْحَاكِم وَطَلَبه بِهِ فَلهُ أَن يحلف مَا عَليّ الْيَوْم شَيْء وَهَذَا الْحلف لَا يكون إِقْرَارا بِالْمَالِ الْمُدَّعِي بِهِ ويسعه أَن يحلف بِهَذَا الْوَجْه إِن لم يقْصد بِهِ ذهَاب حَقه

قَالَ الْفَقِيه لَا يلْتَفت إِلَى قَول من جعله إِقْرَارا بِوُجُوب المَال الْمُؤَجل وَكَذَلِكَ الْكَلَام إِذا حلف الزَّوْج عِنْد إِنْكَاره دَعْوَى زَوجته الصَدَاق فَإِن المهور فِي زَمَاننَا مُؤَجّلَة بِالْعَادَةِ قلت وَهَذَا دَلِيل على أَن الزَّوْجَة لَيْسَ لَهَا مُطَالبَة زَوجهَا بِالْمهْرِ الْمُؤخر بعد قبضهَا الْمُعَجل ودخوله بهَا الا بعد الْفِرَاق بِمَوْت أَو طَلَاق لِأَن

<<  <   >  >>