للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة لَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم اسْتغْفر الله الا مائَة دِرْهَم كَانَ الِاسْتِثْنَاء بَاطِلا وَلَو قَالَ لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم يَا فلَان الا عشرَة كَانَ الِاسْتِثْنَاء جَائِزا

إِذا قَالَ لزيد عَليّ عشرَة الا تِسْعَة الا ثَمَانِيَة الا سَبْعَة الا سِتَّة الا خَمْسَة الا أَرْبَعَة الا ثَلَاثَة الا اثْنَيْنِ إِلَّا وَاحِدَة يلْزمه خَمْسَة فَالْأَفْضَل فِيهِ أَن يصرف كل اسْتثِْنَاء إِلَى مَا يَلِيهِ لكَونه أقرب الْمَذْكُور إِلَيْهِ فَيبْدَأ من الِاسْتِثْنَاء الْأَخير فيستثنى الْبَاقِي مِمَّا يَلِيهِ ثمَّ ينظر إِلَى الثَّانِي هَكَذَا إِلَى الِاسْتِثْنَاء الأول ثمَّ ينظر الْبَاقِي من الِاسْتِثْنَاء الأول فَيَسْتَثْنِي ذَلِك من الْجُمْلَة الملفوظة فَمَا بقى مِنْهَا فَهُوَ الْقدر الْمقر بِهِ

فَالْحَاصِل أَن الاستثناءات إِذا تعدّدت لَا تَخْلُو من أَن تكون متعاطفة أَو لَا تكون متعاطفة فَإِن كَانَت متعاطفة يعود الْكل إِلَى الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة فِي صدر الْكَلَام وَإِن لم تكن متعاطفة فَإِن استغرق الِاسْتِثْنَاء الثَّانِي الأول فَيَعُود الْكل إِلَى الْجُمْلَة الْمَذْكُورَة فِي صدر الْكَلَام ايضا وَإِن لم يسْتَغْرق فَيَعُود الآخر إِلَى مَا يَلِيهِ وهلم جرا

وَفِيه طَرِيق آخر وَهُوَ أَن يُؤْخَذ الْمُثبت فِي الْيَمين والمنفي فِي الْيَسَار ثمَّ بعد الْجمع وفراغ الْإِقْرَار يسْقط المنفيات من المثبتات فَمَا بَقِي يكون مقرا بِهِ كَمَا فِي مثالك لفُلَان عَليّ عشرَة الا تِسْعَة الا ثَمَانِيَة إِلَى آخِره فالمثبتات عشرَة وَثَمَانِية وَسِتَّة وَأَرْبَعَة وَاثْنَانِ فالمجموع ثَلَاثُونَ والمنفيات تِسْعَة وَسَبْعَة وَخَمْسَة وَثَلَاثَة وَوَاحِد فالمجموع خَمْسَة وَعِشْرُونَ فَإِذا أسقطت المنفيات من المثبتات يبْقى خَمْسَة وَهُوَ الْجَواب

قَالَ صَاحب المنبع ثمَّ إِنِّي تحيرت فِي ضبط إِعْرَاب هَذِه المستثنيات هَل تكون كلهَا وَاجِبَة النصب أَو مَا وَجب نَصبه هُوَ المنفيات لَا المثبتات فعرضت ذَلِك على فحول النُّحَاة فتحيروا وَمَا جسر أحدهم مِنْهُم على الرِّوَايَة غير أَن شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين السُّبْكِيّ الشَّافِعِي رَحمَه الله قد روى أَن وَالِده رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يلقنه هَذِه الْمَسْأَلَة بَعْضهَا مَنْصُوبًا وَبَعضهَا غير مَنْصُوب اه

رجل قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِن شَاءَ الله تَعَالَى بَطل إِقْرَاره لِأَنَّهُ علقه بِشَرْط وَإِنَّمَا يَصح التَّعْلِيق فِي الإنشاءات لَا الإخبارات وَالْإِقْرَار إِخْبَار فَلَا يحْتَمل التَّعْلِيق بِالشّرطِ

وَلَو قَالَ اشْهَدُوا عَليّ أَن لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم إِن مت فَهِيَ عَلَيْهِ عَاشَ أَو مَاتَ لِأَن هَذَا لَيْسَ باستثناء وَلَا مخاطرة فَإِن مَوته كَائِن لَا محَالة ثمَّ اخْتلف أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى فِي أَن التَّعْلِيق بِمَشِيئَة الله تَعَالَى إبِْطَال أَو تَعْلِيق فَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعْلِيق وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى إبِْطَال فعلى هَذَا قَوْله إِن شَاءَ الله تَعَالَى إِن كَانَ إبطالا لإِقْرَاره فقد بَطل وَلَا يجب شَيْء وَإِن كَانَ تَعْلِيقا فالإقرار لَا يحْتَمل التَّعْلِيق لما بَينا وَلِأَنَّهُ شَرط لَا يُوقف عَلَيْهِ واثر الشَّرْط فِي إعدام الحكم قبل وجوده وَهَذَا لَا يعلم وجوده فَيكون إعداما لَهُ من الأَصْل بِخِلَاف قَوْله لفُلَان عَليّ مائَة دِرْهَم إِذا مت أَو إِذا جَاءَ راس الشَّهْر أَو الْفطر لِأَنَّهُ أجل بَيَان الْمدَّة فَيكون تأجيلا لَا تَعْلِيقا أَلا ترى أَنه لَو كذبه فِي التَّأْجِيل يصير المَال حَالا

نوع فِي الْإِقْرَار فِي الْمَرَض صَحِيح أقرّ بدين ثمَّ مرض فَأقر بدين يقدم دين الصِّحَّة على دين الْمَرَض عندنَا حَتَّى لَو مَاتَ من ذَلِك الْمَرَض يقْضِي دين غَرِيم الصِّحَّة أَولا فَإِن فضل شَيْء يقْضِي بِهِ دين غَرِيم الْمَرَض وَعند الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى تقسم تركته على دين الصِّحَّة وَالْمَرَض بِالنِّسْبَةِ

وَفِي الْبَدَائِع إِقْرَار الْمَرِيض فِي الأَصْل نَوْعَانِ إِقْرَاره بِالدّينِ لغيره وَإِقْرَاره بِاسْتِيفَاء الدّين من غَيره

أما إِقْرَاره بِالدّينِ فعلى وَجْهَيْن لأَجْنَبِيّ وَقد بَيناهُ أَو لوَارث بِالْعينِ أَو بِالدّينِ فَلَا يَصح إِلَّا بِتَصْدِيق البَاقِينَ

<<  <   >  >>