للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعِنْدَهُمَا يلْزم إِلَّا أَنه يعْتَبر من الثُّلُث وَالْوَقْف فِي الصِّحَّة ينفذ من جَمِيع المَال ووقف الْمَتَاع جَائِز عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى لَا يجوز وَلَا يجوز وقف مَا ينْقل وَيجوز عِنْد أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله تَعَالَى وَعَن مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز وقف مَا فِيهِ تعامل النَّاس من المنقولات كالفأس والمر والقدوم والمنشار والجنازة وثيابها والقدور والمراجل والمصاحف وَنَحْو ذَلِك وَعَن نصير بن يحيى رَحمَه الله تَعَالَى أَنه يجوز وقف الْكتب إِلْحَاقًا لَهَا بالمصحف وَهَذَا صَحِيح لِأَن كل وَاحِد يمسك للدّين تَعْلِيما وتعلما وَقِرَاءَة وَأكْثر فُقَهَاء الْأَمْصَار على قَول مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى

وَفِي البزازي وقف الْبناء بِدُونِ الأَرْض لم يجوزه هِلَال رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ الصَّحِيح قَالَ وَعمل أَئِمَّة خوارزم على خِلَافه وقف الكردار بِدُونِ الأَرْض لَا يجوز كوقف الْبناء بِلَا أَرض والكردار فَارسي مُعرب وَهُوَ كالبناء وَالْأَشْجَار

وَإِذا كَانَ اصل الْقرْيَة وَقفا على جِهَة قَرْيَة فَبنى عَلَيْهَا رجل بِنَاء ووقف بناءها على جِهَة قَرْيَة أُخْرَى اخْتلفُوا فِيهِ فَأَما إِذا وقف الْبناء على جِهَة الْقرْيَة الَّتِي كَانَت الْبقْعَة وَقفا عَلَيْهَا فَيجوز بِالْإِجْمَاع وَيصير وَقفا تبعا للقرية هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ فَتَاوَى أَئِمَّة خوارزم

غرس شَجَرَة ووقفها إِن غرسها فِي أَرض مَمْلُوكَة لَهُ يجوز وَقفهَا تبعا للْأَرْض وَإِن وَقفهَا بِدُونِ أَصْلهَا لَا يجوز وَإِن كَانَت فِي أَرض مَوْقُوفَة إِن وَقفهَا على تِلْكَ الْجِهَة جَازَ كَمَا فِي الْبناء وَإِن وَقفهَا على جِهَة أُخْرَى فعلى الْخلاف الْمَذْكُور فِي وقف الْبناء وَلَا يجوز وقف الْبناء فِي أَرض عَارِية أَو إِجَارَة اه

وَفِي الْبَدَائِع وَلَو وقف أشجارا قَائِمَة فَالْقِيَاس أَن لَا يجوز لِأَنَّهُ وقف الْمَنْقُول وَفِي الِاسْتِحْسَان يجوز لتعامل النَّاس بِهِ فِي ذَلِك وَمَا رَآهُ الْمُسلمُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن

وَقَالَ الْعَلامَة الشَّيْخ شرف الدّين قَاسم رَحمَه الله تَعَالَى فعلى هَذَا إِذا جرى التَّعَامُل بوقف الْبناء يَنْبَغِي أَن يجوز وَلَكِن فِي أَرض نَفسه كَمَا تقدم أما على الأَرْض الْمُسْتَأْجرَة فَلَا يَصح لِأَنَّهُ لَا يملك استتباع مَا تَحت الْجدر فَيبقى العقد لِلْأَبَد واردا على التناهي فَلَا يَصح

وَفِي قنية الْمنية اسْتَأْجر أَرضًا وَقفا وغرس فِيهَا وَبنى ثمَّ مَضَت مُدَّة الاجارة فللمستأجر أَن يبقيها بِأَجْر الْمثل إِذا لم يكن فِي ذَلِك ضَرَر قيل لَهما فَلَو أَبى الْمَوْقُوف عَلَيْهِم الا الْقطع فَهَل لَهُم ذَلِك فَقَالَا لَا انْتهى

وَفِي الذَّخِيرَة ذكر الصَّدْر الشَّهِيد فِي واقعاته رجل مَاتَ وَترك ابْنَيْنِ فِي يَد أَحدهمَا ضَيْعَة يدعى أَنَّهَا وقف عَلَيْهِ من أَبِيه وَالِابْن الآخر يَقُول هِيَ وقف علينا كَانَ القَوْل قَوْله وَهِي وقف عَلَيْهِمَا هُوَ الْمُخْتَار لِأَنَّهُمَا تَصَادقا على أَنَّهَا كَانَت فِي يَد أَبِيهِمَا فَلَا ينْفَرد أَحدهمَا باستحقاقهما إِلَّا بِحجَّة اه

وَإِذا صَحَّ الْوَقْف لم يجز بَيْعه وَلَا تَمْلِيكه وَهل تجوز قسمته فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى يجوز بِنَاء على أَن الشُّيُوع فِي الْوَقْف غير مَانع من صِحَة الْوَقْف عِنْده فَتجوز الْقِسْمَة لِأَنَّهَا تَمْيِيز وإفراز ثمَّ إِن وقف نصِيبه من عقار مُشْتَرك بَينه وَبَين غَيره الْوَاقِف هُوَ الَّذِي يقاسم شَرِيكه لَا القَاضِي عِنْد من يَقُول بِجَوَاز الْقِسْمَة لِأَن الْولَايَة فِي الْوَقْف إِلَى الْوَاقِف فَإِن مَاتَ الْوَاقِف فلوصيه أَن يقاسم شَرِيكه ويفرز حِصَّة الْوَقْف لِأَنَّهُ قَائِم مقَامه وَإِن كَانَت الأَرْض كلهَا لَهُ فَوقف بَعْضهَا ثمَّ اراد الْقِسْمَة فوجهه أَن يَبِيع مَا بَقِي من رجل ثمَّ يقتسمان ثمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ ذَلِك إِن شَاءَ لِأَن الْقِسْمَة إِنَّمَا تُجزئ بَين اثْنَيْنِ فَلَا يصلح الْوَاحِد مقاسما ومقاسما وَإِن لم يبع رفع الْأَمر إِلَى القَاضِي ليأمر إنْسَانا بِالْقِسْمَةِ مَعَه لتجري الْقِسْمَة بَين اثْنَيْنِ

<<  <   >  >>