للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْغَاصِب عَن الضَّمَان مَعَ قيام الْعين يَصح حَتَّى لَو هَلَكت بعد ذَلِك لَا يجب الضَّمَان فلولا أَن الْمُوجب الْأَصْلِيّ هُوَ الْقيمَة وَإِلَّا لما صَحَّ الْإِبْرَاء لِأَن الْإِبْرَاء عَن الْأَعْيَان لَا يَصح وَمِنْهَا صِحَة الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالمغصوب حَال قيام الْعين إِذْ لَو كَانَ رد الْعين أصلا لما صَحَّ الرَّهْن وَالْكَفَالَة لِأَن الرَّهْن وَالْكَفَالَة بالأعيان لَا يَصح

وَفِي الجلالية وعَلى قَول من يَقُول الْمُوجب الْأَصْلِيّ رد الْعين لَا يَصح الْإِبْرَاء وَالرَّهْن وَالْكَفَالَة حَال قيام الْعين

وَفِي الْمُحِيط وَلَو غصب دَرَاهِم أَو دَنَانِير فالمالك يَأْخُذهَا مِنْهُ حَيْثُ وجده وَلَيْسَ لَهُ أَن يُطَالِبهُ بِالْقيمَةِ وَإِن اخْتلف السّعر لِأَنَّهَا أَثمَان وَمعنى الثمنية لَا يخْتَلف باخْتلَاف الْمَكَان وَإِذا هلك الْمَغْصُوب يجب ضَمَان مثله إِن كَانَ مثلِيا كالمكيلات والموزنات والمعدودات المتقاربة وَإِن لم يكن مثلِيا كالمزروعات والمعدودات الْغَيْر المتقاربة والحيوانات يجب ضَمَان قِيمَته يَوْم الْغَصْب لِأَن ضَمَان الْغَصْب ضَمَان اعتداء وَضَمان الاعتداء لم يشرع الا بِالْمثلِ قَالَ الله تَعَالَى {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} والمثل الْمُطلق هُوَ الْمثل صُورَة وَمعنى

وَلَو كَانَت الْقيمَة فِي مَكَان الْخُصُومَة أَكثر فالغاصب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أعْطى مثله حَيْثُ خَاصم وَإِن شَاءَ أعْطى قِيمَته حَيْثُ غصب مِنْهُ إِلَّا أَن يرضى الْمَغْصُوب مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ فَإِن الْغَاصِب لَا يلْزمه دفع الضَّمَان فِي مَكَان الْغَصْب بل اينما لقِيه أَخذه وَإِن كَانَت الْقيمَة فِي المكانين سَوَاء فللمالك أَن يُطَالِبهُ بِالْمثلِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِهِ وَاحِد مِنْهُمَا اه

وَإِذا نقص الْمَغْصُوب فِي يَد الْغَاصِب ضمن النُّقْصَان لِأَن الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يردهُ على الْوَصْف الَّذِي غصبه بِهِ بِخِلَاف الْمَبِيع فَإِنَّهُ إِذا نقص فِي يَد البَائِع لَا يجب فِي مُقَابلَته شَيْء وَلَكِن يُخَيّر المُشْتَرِي بَين أَن يَأْخُذهُ بِكُل الثّمن أَو يتْركهُ لِأَنَّهُ ضَمَان عقد وَالْعقد يرد على الْأَعْيَان لَا على الْأَوْصَاف أما ضَمَان الْغَصْب فمتعلق بِالْفِعْلِ على مَا بَينا

إِذا غصب رجل ثوب انسان فصبغه الْغَاصِب بصبغ نَفسه أَحْمَر أَو أصفر فَصَاحب الثَّوْب بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ الثَّوْب من الْغَاصِب وَأَعْطَاهُ مَا زَاد الصَّبْغ فِيهِ وَإِن شَاءَ ضمنه قيمَة ثوب أَبيض يَوْم الْغَصْب وَقيل لَهُ خِيَار ثَالِث وَهُوَ قَول أبي عصمَة إِن شَاءَ رب الثَّوْب بَاعَ الثَّوْب على حَاله وَيقسم الثّمن على قدر حصتهما كَمَا إِذا انصبغ لَا بِفعل أحد لِأَن الثَّوْب ملك الْمَغْصُوب مِنْهُ والصبغ ملك الْغَاصِب والتمييز مُتَعَذر فصارا شَرِيكَيْنِ فِي الثَّوْب فَيُبَاع الثَّوْب وَيقسم الثّمن بَينهمَا على قدر حصتهما وَهَذَا حسن لِأَنَّهُ طَرِيق لايصال حق كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه معنى وَإِنَّمَا خيرنا صَاحب الثَّوْب دون الْغَاصِب مَعَ أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحب حق لِأَن صَاحب الثَّوْب صَاحب أصل وَالْغَاصِب صَاحب وصف فَكَانَ إِثْبَات الْخِيَار لصَاحب الأَصْل أولى

وَفِي البزازي رجل غصب حانوتا واتجر فِيهِ وَربح يطيب لَهُ الرِّبْح لِأَنَّهُ حصل بِالتِّجَارَة

وَلَو مر فِي أَرض الْغَيْر إِذا وجد طَرِيقا ثمَّة لَا يحل وَإِن لم يجد طَرِيقا لَهُ ذَلِك مالم يمنعهُ صَاحب الأَرْض فَإِذا مَنعه حرم عَلَيْهِ الْمُرُور لِأَن الصَّرِيح يبطل الدّلَالَة وَهَذَا إِذا كَانَ الْمَار وَاحِدًا فَإِن كَانُوا جمَاعَة فَلَا يُبَاح

والمرور فِي الطَّرِيق الْحَادِث إِن كَانَ مَالِكه جعله طَرِيقا يجوز وَإِن لم يعلم أَو علم أَنه غصب فَهَذَا بِنَاء

<<  <   >  >>