للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حدث أبو عباد النميري، عن الفضل بن سليمان النميري، عن يحيى بن عبد الرحمن ابن أبي لبيبة الحجة، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " ما شرقَ أحد بلبنٍ " وذلك قول الله غز وجل " سائغاً للشاربين "

[إسماعيل القراطيسي]

كوفي، شاعر مليح الشعر كان يصاحب أبا نواس وأبا العتاهية وفيهما يقول وفي نظرائهما، أنشده أبو هفان:

ألا قوموا بأجمعكمْ ... إلى بيتِ القراطيسي

فقدْ هيا لنا النزلَ ... غُلام فارِهٌ طُوسي

وقدْ هيا التي جاءتْ ... لنا من أرض بلقيسِ

وألواناً من الطيرِ ... وألواناً من العيسِ

وقيناتٍ من الحورِ ... كأمثالِ الطواويسِ

فنيكوهن في ذاكمْ ... وفي طاعةِ إبليسِ

وفيه يقول أبو العتاهية:

فقد أضحى القراطيسيُّ ... رأساً في الكشاخين

وقال دعبل: إنه مدح الفضل بن الربيع فلم يثبه فقال:

لا قلْ للذي لمْ يه ... دهِ اللهُ إلى نفعي

لئنْ أخطأتُ في مدْح ... كَ ما أخطأتَ في منعي

لقدْ أحللتُ حاجاتي ... بوادٍ غيرْ ذي زرع

حدثني أبو قدامة وغيره قال: أنشد إسماعيل القراطيسي للعباس بن الأحنف لنفسه.

ويلي على ساكنِ شطِّ الصراهْ ... مرّرَ حُبيهِ عليَّ الحياهْ

ما تنقضي منْ عجبٍ فكرتي ... في خصلةٍ فرَّطَ فيها الولاهْ

تركُ المحبينَ بلا حاكمٍ ... لم يقعدوا للعاشقينَ القضاه

وقد أتاني خبرٌ راعني ... منْ قولها في السرِّ: واضْيعتاه

أمثلُ هذا يبتغي وصلنا ... أما يرى ذا وجههُ في المِرآهْ

ثم قال له: يا أبا الفضل، هل قلت في هذا المعنى شيئاً؟ قال: نعم. وأنشده:

جاريةٌ أعجبها حُسنُها ... ومثلُها في الناسِ لم يُخلقِِ

خبرتُها أني مُحبٌّ لها ... فأقبلتْ تضحكُ منْ منطقي

والتفتتْ نحوَ فتاةٍ لها ... كالرشاءِ الوسنانِ في قُرطُقِ

قالتْ لها: قوليِ لهذا الفتى: ... انظرْ إلى وجهكَ ثم اعشقِِ

[الخريمي]

أبو يعقوب، واسمه إسحاق بن حسان بن قوهى جزري، نزل بغداد. وأصله من مرو الشاهجان صُغدي شاعر متقدم مطبوع، له أشعار طوال ومدائح وكلامه عذب حسنٌ، وكان مداحاً لعثمانَ بن عُمارة بن خُريم فنسب إلى خُريم مولاه، وخُريم من مُرةِ غطفانَ.

كتب إلى الكراني قال: حدثني الجاحظ قال: قيل لإسحاق ابن حسان الخُريمي: مديحك لأبي الهَيْذامِ، وعُثمان بن عمارة، والحسن بن التختاخِ، ومحمد بن منصور بن زياد في حياتهم أجودُ من تأبينك إياهم بعد موتهم. فقال: يا مجانين أين يقعُ شِعرُ الوفا والتذَمُّم، من شِعري إذا صارَ للرجا والرغبة؟ حدثني محمد بن القاسم قال: حدثني الكراني قال: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: الخريمي أشعر المُولدين.

حدثني محمد بن القاسم قال: حدثني أحمد بن المبارك عن أبيه قال: قلتُ لأبي يعقوب الخريمي: ما بالُ شِعرك لا يسمعه أحدٌ إلا استحسنه وقبلته طبيعته؟ قال: لأني أجاذب الكلام إلى أن يُساهلني عفواً، فإذا سمعه إنسانٌ سهل عليه استحسانه.

ومن قوله يمدح محمد بن منصور بن زياد، أنشدنيه محمد بن القاسم قال أنشدني الرياشي:

لا يُناجي في الندى إلا الندى ... وإذا هم به لا يستشيرُ

زادَ معروفكَ عندي عِظماً ... أنه عِندكَ مستورٌ حقيرُ

تتناساهُ كأنْ لمْ تأتهِ ... وهو عندَ الناسِ مشهورٌ خطيرُ

كمْ وكمْ أوليتني منْ نعمةٍ ... تدعُ المثنى بها وهوَ حسيرُ

هاكها غراءَ تسري في الدُّجى ... كل بيتٍ عائرٌ منها يسيرُ

حُلة حبرها ذو مِقةٍ ... بالهوى يُسدي بالود يُنيرُ

فجديرٌ أنا بالشكرِ كما ... أنتَ بالإحسانِ والفضلِ جديرُ

وكان يعقوب أعورَ، أخبرني بذلك جماعة.

وقال محمد بن القاسم: ما كان يُعرف إلا بأبي يعقوب الأعور.

وعمي أبو يعقوب في آخر عمره، فله في مرثية عينه أشعارٌ كثيرة حسان.

<<  <   >  >>