للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فامنُنْ علىَّ بمنْ يسكنه ... عنىِّ وأهدِ الغمدَ للنصلِ

فأمر له الرشيدُ بعشرة آلاف درهم، وجاريةٍ حسناءَ بآلتها وخادمٍ، وبرذَوْنٍ بسرجه ولجامه.

؟ يحيى بن المبارك اليزيدي

بصري يكنى أبا محمد، مولىً لبني عدي بن عبد مناف، ونسب إلى يزيدَ ابن منصورٍ الحميري، لأنه كان يؤدب ولده. وهو غلامُ أبي عمرو ابن العلاء في النحوِ والغريبِ والقراءة، وكان مؤدب المأمونِ: وله أشعارٌ كثيرةٌ جياد، قال إسماعيل بن أبي محمد: كان لأبي أشعارٌ كثيرةٌ في الرشيدِ وجعفر بن يحيى وغيرهما، فقبل أن يموت أحرقها وأخذ علينا ألا نُخرج له غير المواعظ: ومن قوله قصيدته المشهورة:

منْ يلُمِ الدهر ألا ... فالدهرُ غيرُ معتبهْ

وفيها أمثالٌ جيادٌ وحكمة.

وكان اليزيدي ظريفاً.

أخبرني أبو حنيفة عن أبي الفضل اليزيدي قال: انصرف اليزيدي من كتابه يوماً، فقعد المأمونُ مع غلمانه ومنَ يأنس به، وأمرَ حاجبه ألا يأذن عليه لأحدٍ وهو صبي في ذلك الوقت فبلغ اليزيدي خبره، فصار إلى الباب فمنع فكتب إليه:

هذا الطفيليُّ على البابِ ... يا خيرَ إخوانٍ وأصحابِ

فصيروني بعضَ جُلاسكمْ ... أو أخرجوا لي بعضَ أترابيِ

فأذن له، فدخل، فأنقبض المأمونُ، فقال: أيها الأمير عدْ إلى انبساطك، فإني إنما دخلتُ على أن أكون نديماً لا معلماً.

ومن قول اليزيدي يعتذر إلى المأمون من شيء تكلمَ به وهو سكران:

أنا المذنبُ الخطاءُ والعفوُ واسعٌ ... ولو لم يكنْ ذنبٌ لما عرف العفو

سكرتُ فأبدتْ مني الكأسُ بعض ما ... كرهتَ وما إنْ يستوي السُّكرُ والصحوُ

ولا سيما إذا كنتُ عندَ خليفةٍ ... وفي مجلسٍ ما إن يجوزُ به اللغوُ

فإنْ تعفُ عنيِّ أُلفِ خطوىَ واسعًا ... وإلا يكنْ عفوٌ فقدْ قصُرَ الخطوُ

ومن قوله يهجو الأصمعي في شعرٍ له:

ومن أنت هلْ أنتَ إلا امرؤٌ ... إذا صحَّ أصلكَ من باهلهْ

وحسبكَ لؤمُ قبيلٍ بها ... لمنْ هيَ في كفه حاصلهْ

فكيفَ لمن كان ذا دعوةٍ ... وكفه نسبته شائلهْ

ومن قوله في عِنانَ جاريةِ الناطفي، وأبي تغلب الأعرجِ وكان شاعراً:

أبو تغلبٍ للناطفي زءورُ ... على خُبثه والناطفي غيورُ

وبالبغلةِ الشهباءِ رقةُ حافرٍ ... وصاحبنا ماضي الجنانِ جسورُ

ولا شكَّ في أن الأعيرج آرها ... وما الناسُ إلا آيرٌ ومؤورُ

ومن قوله، أنشده المدائني. وقال: إنه أنشدهما في الكسائي وكان يُماظُّه، وقد رثاه اليزيدي بعد موته:

يا رجلاً خفَّ عِنده الثقلُ ... حتى به صارَ يُضربُ المثلُ

ثقلتَ حتى لقد خففتَ كما ... سَمجتَ حتى مَلُحْتَ يا رجل

؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟ الأصمعي

عبد الملك بن قريب الباهلي، ويكنى أبا سعيد. بصري، راوية للشعر والغريب. موثوق به في الحديث، روى عنه يحيى بن معين فأكثر وصحب الرشيد وأعطاه مالاً جليلاً وخص به. وله أشعار جياد وأراجيز. ومن قوله في إسحاق بن إبراهيم الموصلي:

أأن تغنيتَ للشرب الكرام: ألا ... حثَّ الخليطُ جمالَ الحيَّ فانطلقوا

وقيلَ أحسنتَ فاستدعاكَ ذاك إلى ... يا قلبُ ويحكَ لا يذهبْ بك الخرقُ

وقيلَ أنت حُسانُ الناسِ كُلهمُ ... وابن الحُسانِ فقدْ بروا قد صدقوا

فما بهذا تقومُ النادباتُ ولا ... تبكي عليكَ إذا ما ضمكَ الحزقُ

وكان الشعر سهلاً عليه، ذلولاً على لسانه وفيه يقول عبد الصمد بن المعذل:

لن تلبسوا منطقي بمشكلةً ... إلا عن الأصمعي أو خلفِ

يريد خلفاً الأحمر.

قال أحمد بن القاسم بن يوسف الكاتب، عن عمه علي بن يوسف عن العباس بن الأحنف، أنه أنشد الرشيد أبياته التي يقول فيها:

إذا ما شئتَ أن تُب ... صرَ شيئا يًعجبُ الناسا

فصَوَّر هاهنا فوزاً ... وصوَّرْ ثمَّ عَباسا

وقسْ بينهما شبراً ... وإنْ زادَ فلا بَاسا

<<  <   >  >>