للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الْفَصْل الأول) فِي أَرْكَانهَا وَهِي أَرْبَعَة الْمكَاتب وَالْمكَاتب والعوض والصيغة وَذَلِكَ أَن معنى الْكِتَابَة شِرَاء العَبْد نَفسه من سَيّده بِمَال يكسبه العَبْد فالسيد كالبائع وَالْعَبْد كالمشتري ورقبته كالمثمون وَالْمَال الثّمن فَأَما السَّيِّد فَهُوَ كل مَالك غير مَحْجُور صَحِيح وَكِتَابَة الْمَرِيض كعتقه من الثُّلُث إِلَّا أَن أجَازه الْوَرَثَة وَقيل يَصح كَالْبيع إِذا لم تكن مُحَابَاة وَيجوز أَن يُكَاتب الْمكَاتب عَبده خلافًا لأبي حنيفَة ويكاتب الْوَصِيّ عَن مَحْجُوره وَأما العَبْد فَلهُ شَرْطَانِ (أَحدهمَا) أَن يكون قَوِيا على الْأَدَاء وَاخْتلف فِي الصَّغِير الضَّعِيف عَن الْأَدَاء هَل يُكَاتب أم لَا وَكَذَلِكَ الْأمة الَّتِي لَا صَنْعَة لَهَا (الثَّانِي) أَن يُكَاتب العَبْد كُله فَلَو كَاتب نصف عَبده لم يجز وَلَو كَاتب من نصفه حر لجَاز لحُصُول كَمَال الْحُرِّيَّة وَلَو كَاتب أحد الشَّرِيكَيْنِ لم يَصح وَإِن أذن شَرِيكه خلافًا لَهما وَلَو كاتباه مَعًا جَازَ وَإِذا جمع فِي الْكِتَابَة أَكثر من عبد وَاحِد جَازَ وَكَانَ بَعضهم ضَامِنا عَن بعض بمضمن عقد الْكِتَابَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِنَّمَا يلْزم ضَمَان بَعضهم عَن بعض بِمُجَرَّد الشَّرْط وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يجوز بعثد وَلَا بِشَرْط وَأما المَال فشرطه كشروطه فِي البيع إِلَّا أَنه يجوز على عبد غير مَوْصُوف مُسَامَحَة وَيكون للسَّيِّد الْوسط خلافًا للشَّافِعِيّ وَيشْتَرط أَن يكون منجما مُؤَجّلا فَإِن لم يذكر الْأَجَل نجمت عَلَيْهِ بِقدر سِعَايَة مثله وَتجوز حَالَة وَتسَمى قطاعه خلافًا للشَّافِعِيّ وَيسْتَحب أَن يسْقط السَّيِّد عَن العَبْد شَيْئا مِنْهَا وَأما لصيغة فَهِيَ أَن يَقُول كاتبت على كَذَا وَكَذَا فِي نجم أَو نجمين أَو أَكثر وَإِن لم يقل أَن أديته فَأَنت حر لِأَن لفظ الْكِتَابَة يَقْتَضِي الْحُرِّيَّة فَإِن قَالَ لَهُ أَنْت حر على ألف فَقيل عتق فِي الْحَال وَالْألف فِي ذمَّته كمديان (الْفَصْل الثَّانِي) فِي أَحْكَامهَا وَفِيه سِتّ مسَائِل (الْمَسْأَلَة الأولى) يحصل الْعتْق بأَدَاء جَمِيع الْعِوَض فَإِن بَقِي مِنْهُ شَيْء لم يعْتق وَإِن عجز عَن أَدَاء النُّجُوم أَو عَن أَدَاء نجم مِنْهَا رق وفسخت الْكِتَابَة بعد أَن يتلوم لَهُ الْأَيَّام بعد الْأَجَل فَلَو امْتنع من الْأَدَاء مَعَ الْقُدْرَة لم يفْسخ وَأخذ من مَاله وَلَيْسَ لَهُ تعجيز نَفسه إِن كَانَ لَهُ مَال ظَاهر خلافًا لِابْنِ كنَانَة فَإِن لم يكن لَهُ مَال ظَاهر كَانَ لَهُ تعجيز نَفسه وَقَالَ سَحْنُون لَا يعجزه إِلَّا السُّلْطَان (الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة) لَو عجل النُّجُوم قبل الْأَجَل أجبر السَّيِّد على الْقبُول فَإِن كَانَ السَّيِّد غَائِبا وَلَا وَكيل لَهُ دفع ذَلِك إِلَى الإِمَام وأنفذ لَهُ عتقه (الْمَسْأَلَة الثَّالِث) تَنْفَسِخ الْكِتَابَة بِمَوْت العَبْد وَإِن خلف وَفَاء إِلَّا أَن يكون لَهُ ولد يقوم بهَا فيؤديها حَالَة ثمَّ لَهُ مَا بَقِي مِيرَاثا دون سائره وَلَده (الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة) لَا يَصح بيع رَقَبَة الْمكَاتب وَلَا انتزاع مَاله وَيجوز بيع كِتَابَته خلافًا للشَّافِعِيّ وعَلى الْمَذْهَب يبْقى مكَاتبا فَإِن وفى عتق وَوَلَاؤُهُ لبائعها لَا لمشتريها وَإِن عجز أرقه مشتريها وَيشْتَرط فِي ثمنهَا التَّعْجِيل لِئَلَّا يكون بيع دين بدين والمخالفة لجنس مَا عقدت الْكِتَابَة بِهِ لِئَلَّا يكون رَبًّا (الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة) الْمكَاتب فِي تَصَرُّفَاته كَالْحرِّ إِلَّا فِيمَا تربع فَلَا ينفذ عتقه وَلَا هِبته وَلَا يتَزَوَّج بِغَيْر إِذن سَيّده وَلَا التَّسَرِّي بِغَيْر إِذْنه (الْمَسْأَلَة السَّادِسَة) تسري الْكِتَابَة من الْمُكَاتبَة إِلَى وَلَدهَا الَّذِي تلده بعد الْكِتَابَة من زنى أَو نِكَاح وَكَذَا ولد الْمكَاتب الَّذِي حدثوا من

<<  <   >  >>