للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله اكْتسب التَّعْظِيم وَمن تفكر فِي قدرته اسْتَفَادَ التَّوَكُّل وَمن تفكر فِي عَذَابه اسْتَفَادَ الْخَوْف وَمن تفكر فِي رَحمته اسْتَفَادَ الرَّجَاء وَمن تفكر فِي الْمَوْت وَمَا بعده اسْتَفَادَ قصر الأمل وَمن تفكر فِي ذنُوبه اشْتَدَّ خَوفه وصغرت عِنْده نَفسه (الرَّابِع عشر) معرفَة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ خَاصَّة وَعَامة فالعامة حَاصِلَة لكل مُؤمن والخاصة هِيَ الَّتِي ينْفَرد بهَا الْأَنْبِيَاء والأولياء وَهُوَ الْبَحْر الْأَعْظَم الَّذِي لَا سَاحل لَهُ وَلَا يعرف الله على الْحَقِيقَة إِلَّا الله وَلذَلِك فَإِن أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْعَجز عَن دَرك الْإِدْرَاك إِدْرَاك (الْخَامِس عشر) التَّوْحِيد وَهُوَ نَوْعَانِ عَام وخاص فالعام هُوَ عدم الْإِشْرَاك الْجَلِيّ وَذَلِكَ حَاصِل لجَمِيع الْمُسلمين وَالْخَاص عدم الْإِشْرَاك الْخَفي وَهُوَ مقَام العرافين وَكِلَاهُمَا دَاخل تَحت قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله فسبب التَّوْحِيد الْجَلِيّ الْبَرَاهِين الْقَائِمَة عَلَيْهِ وَقد تضمنها الْقُرْآن الْمُبين وبسطناها فِي كتاب النُّور الْمُبين وَسبب التَّوْحِيد الْخَفي معرفَة قيومية الله تَعَالَى على كل شَيْء وإحاطة علمه وَقدرته وقهره بِكُل شَيْء وَإِن كل شَيْء إِنَّمَا وجد بإيجاده لَهُ وَبَقِي بإمساكه لَهُ فَلَا موجد فِي الْحَقِيقَة إِلَّا وَهُوَ ((كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه)) (السَّادِس عشر) الْيَقِين وَهُوَ صدق الْإِيمَان حَتَّى يطمئن بِهِ الْقلب بِحَيْثُ لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ شكّ وَلَا احْتِمَال وَسَببه شَيْئَانِ أَحدهمَا قُوَّة الْأَدِلَّة وَكَثْرَتهَا وَالْآخر نور من الهل يَضَعهُ فِي قلب من يَشَاء (السَّابِع عشر) محبَّة الله تَعَالَى وَهِي نَوْعَانِ عَامَّة وخاصة فالعامة لجَمِيع الْمُسلمين وَلَا يَصح الْإِيمَان إِلَّا بهَا وَهُوَ مقَام أَصْحَاب الْيَقِين والخاصة مقَام المقربين وَهِي أَعلَى المقامات وَأَرْفَع الدَّرَجَات وَلَا سِيمَا الْمُحب المحبوب وسببها الْمعرفَة بصفتين وهما الْجمال والإجمال فَإِن المحسن وَالْإِحْسَان محبوبان لَا محَالة وتختلف أَقْوَال المحبيبن بالتلوين فِي الْقَبْض والبسط والشوق والأنس والصحو وَالسكر وَهَذِه أَحْوَال ذوقية قد علم كل أنَاس مشربهم (الثَّامِن عشر) والتواضع وَهُوَ ضد التكبر وَسَببه شَيْئَانِ التحقق بمقام الْعُبُودِيَّة وَمَعْرِفَة الْإِنْسَان بعيوب نَفسه (التَّاسِع عشر) الْحيَاء وَهُوَ نَوْعَانِ حَيَاء من الله وحياء من النَّاس وَهُوَ مستحسن فِي كل حَال إِلَّا طلب الْعلم (الْعشْرُونَ) سَلامَة الصَّدْر للْمُسلمين وَهُوَ يُثمر طيب النَّفس وسماحة الْوَجْه وَإِرَادَة الْخَيْر لكل أحد والشفقة والمودة وَحسن الظَّن وَيذْهب الشحناء والبغضاء والحقد والحسد وَلذَلِك ينَال بِهَذِهِ الْخصْلَة مَا ينَال بالصيام وَالْقِيَام

الْبَاب الثَّامِن فِي المنهيات الْمُتَعَلّقَة بالقلوب

وَهِي عشرُون (الأول) الرِّيَاء فِي الْعِبَادَات وَهُوَ الشّرك الْأَصْغَر وَهُوَ ضد الْإِخْلَاص وَلَهُمَا مَرَاتِب مُتَفَاوِتَة فِي قبُول الْعَمَل وإحباطه وَفِي اسْتِحْقَاق الْعقَاب على الرِّيَاء فقد يكون الْعَمَل أَولا خَالِصا ثمَّ يحدث الرِّيَاء فِي أَثْنَائِهِ فيفسده إِن تَمَادى أَو يحدث بعد الْفَرَاغ مِنْهُ فَلَا يضر وَقد يكون أَولا على الرِّيَاء ثمَّ يحدث

<<  <   >  >>