للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واسلم وعش لا زلت في نعمةٍ ... أنت بها من غيرك الأولى

[من ملح مزيد]

قال مزيد لامرأته: أنت غير شفيقة علي، ولا راعية لي. فقالت: والله لأنا أرعى بك من التي كانت قبلي وأشفق. قال: أنت طالق ثلاثاً، لقد كنت آتيها بالجرادة فتطبخ لي منها أربعة ألوان وتشوي جنينها. فدعته إلى القاضي، فجعل القاضي يطلب له المخرج فقال: أصلحك الله! لا عليك إن أشكلت المسألة فهي طالق ثلاثين.

قال محمد بن حرب: أتيت بمزيد وامرأة ورجل أصيبا في بيته وأنا على شرطة المدينة، فحبسته وخليت سبيلهما، ثم دعوت به وقلت: ما خبرك؟ قال: أطلقتم الزوج حمام وحبستم الزاجل.

وكان أبو حبيب مضحك المهدي يحفظ نوادر مزيد ويحكيها له فيصله. فقال له مزيد: بأبي أنت! أنا أزرع وأنت تحصد.

ولقي مزيد رجلاً كان صديقاً لأبيه. فقال: يا بني، كان أبوك عظيم اللحية، فما بالك أجرودي؟ فقال مزيد: أنا خرجت لأمي.

وكسا امرأته قميصاً فشكت إليه غلظه وخشونته، فقال: أترينه أخشن من الطلاق؟

[من الأجوبة الطريفة]

ناظر سعيد بن حميد الدهقان بعض آل أبي لهب؛ فقال: من فضلنا نحن الفرس أن لنا بيوت النيران. فقال اللهبي: وجهنم قطيعة لجدي.

رمي فضولي في النار؛ فقال: الحطب رطب!

[من ملح البخلاء]

وقال بعض البخلاء لغلامه: هات الطعام وأغلق الباب. فقال: يا مولاي؛ هذا خطأ، إنما يقال: أغلق الباب وهات الطعام. فقال له: أنت حر لوجه الله لمعرفتك بالحزم.

قال جهم بن خلف: أتينا اليمامة فنزلنا على مروان بن أبي حفصة فأطعمنا تمراً. ثم قال لغلامه: خذ هذا الفلس فاشتر به زيتاً، فأتى الغلام به. فقال له: خنتني. فقال: وكيف أخونك في فلس؟ قال: أخذته لنفسك واستوهبت الزيت.

وقال الأحنف بن قيس: يا بني تميم، أتبخلونني وربما أشرت عليكم برأي خير من مائة ألف درهم؟ فقال بعض من سمعه: تقويمك الرأي عليه غاية البخل.

[من أظرف ما قيل في بخيل]

ومن أظرف ما قيل في بخيل:

وأخٍ مسّه نزولي بقرحٍ ... مثلما مسّني من الجوع قرح

قال إذ زرت وهو في شدة السك ... رة بالهمّ طافح ليس يصحو

لم تغرّبت قلت قال رسول الل ... هـ والقول منه نصحٌ ونجح

سافروا تغنموا فقال وقد قا ... ل تمام الحديث جوعوا تصحّوا

[غفلة]

مر رجل بإنسان وعلى عاتقه عصا في طرفيها زنبيلان قد كادا يحطمانه، في أحدهما بر وفي الآخر تراب. فقال: لم فعلت هذا؟ قال: عدلت البر بالتراب، لأنه كان قد أمالني إلى أحد جنبي؛ فأخذ الرجل زنبيل التراب وقلبه وقسم البر نصفاً في الزنبيلين. وقال: الآن فاحمل، فحمله فخف عليه؛ فقال: ما أعقلك من شيخ!.

[يتماوت ليسأل الكفن]

وشرب أحمد بن أبي طاهر مع أبي هفان حتى فني ما معهما، وكانا بجوار المعلى ابن أيوب؛ فقال ابن أبي طاهر لأبي هفان: تماوت حتى اسأل المعلى في كفنك. فسجاه ومضى إلى المعلى فقال: أصلحك الله، نزلنا في جوارك فوجب عليك حقنا، وقد مات أبو هفان وليس له كفن. فقال لوكيله: أمض إليه لتشاهده وادفع له كفناً. فأتى فوجده مسجى فنقر أنفه فضرط، فقال له: ما هذا؟ قال ابن أبي طاهر: أصلحك الله بقية روحه كرهت نكهته فخرجت من دبره، فأخبر المعلى فضحك وأمر لهما بدنانير كثيرة.

[متجسس متماوت]

وكان أحمد بن طولون قد نابذ الموفق وباينه بالعداوة وخلعه، وكان قد ضبط مصر من الجواسيس وكان متيقظاً فهماً، فأشرف من قصره يوماً، فإذا بجنازة قد مرت عليه. فقال: علي بالنعش ومن فيه. فأحضروه، فقال: قم يا متماوت، ثم دعا بالسياف وقال: اضربه، فقام الميت من نعشه، فقال له: أنت متجسس من ناحية أحمد؟ قال نعم! قال: لو لم أتقدم إليك لقتلتك وقتلت من معك، وأمر من أخرجهم عن عمل مصر. فقيل له: من أين علمت ذلك؟ فقال: رأيت القوم ليس عليهم كآبة من مات له ميت، ورأيتهم يطوفون بالقصر، ونظرت إليه في النعش فرأيت رجليه قائمتين ورجل الميت تسترخي؛ فحكمت أنه حي، فلما حضر رأيته يسارق النفس فصحت القضية.

[من الطرف]

وحضر علي بن بسام مع جحظة البرمكي دعوةً، فتفرق الجماعة المخاد، وبقي جحظة. فقال: ما لكم لم تدفعوا إلي مخدة؟ فقال له ابن بسام: عن قليل تصير إليك كلها.

<<  <   >  >>