للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتروم هجوي جاهداً ونقيصتي ... سفهاً أراه بادياً حلما

لا تغتنم لحمي فليس بأكلة ... واعلم بأنك واجدٌ لحما

إني أُعيذك أن تكون رميّةً ... لسهام رامٍ إن رمى أصمى

[شتم ورد]

وشتم أبا علي البصير بعض الطالبيين، فقال: إنا والله ما نعيا من جوابك، ولا نعجز عن مساءتك، ولكنا نكون خيراً لنسبك منك، ونحفظ ما أضعفت، فاشكر توفير ما وفرنا منك، ولا يغرنك بالجهل علينا حلمنا عنك.

[من شعر أبي علي البصير]

وأبو علي هو القائل:

ألّمت بنا يوم الرحيل اختلاسة ... فأضرم نيران الجوى النظر الخلس

تأبّت قليلاً وهي ترعد خيفةً ... كما تتأبّى حين ترتعد الشمس

فخاطبها صمتي بما أنا مضمرٌ ... وأبلست حتى لست يسمع لي حسّ

وولّت كما ولّى الشباب لطيّة ... طوت دونها كشحاً على يأسها النّفس

وقال يمدح الفتح بن خاقان:

سمعنا بأشعار الملوك فكلّها ... إذا عضّ متنيه الثقاف تأوّدا

سوى ما سمعنا لامرىء القيس إنه ... يكون إذا لم يشعر الفتح أوحدا

أقام زماناً يسمع القول صامتاً ... ونحسبه إن رام أكدى وأصلدا

فلما امتطاه راكباً ذلّ صعبه ... وسار فأضحى قد أغار وأنجدا

وقال يصف ليلة مطر:

وليلة عارض لا نوم فيها ... أرقت لها إلى الصبح الفتيق

حمى فيها الكرى عيني ببيتٍ ... كأنّ سماءها عين المشوق

تواصلت السحائب وهو بيتٌ ... وصدّت وهو قارعة الطريق

وهذا كقول ابن المعتز:

روينا فما نزداد يا ربّ من حياً ... وأنت على ما في الضمير شهيد

سقوف بيوتي صرن أرضاً أدوسها ... وحيطان داري ركّعٌ وسجود

[من نوادر اللصوص]

ذهبت ثياب رجل في الحمام، فجعل يقول: أنا أعلم، أنا أعلم، واللص يسمعه؛ ففزع وظن أنه قد فطن به؛ فردها. وقال له: إني سمعتك تقول: أنا أعلم، فما الذي تعلم؟ قال: أعلم أنه إن عدمت ثيابي مت من البرد.

[مستميح ولص]

زار رجل الخصيب بن عبد الحميد وهو أمير على مصر مستميحاً فلم يعطه شيئاً فانصرف. فأخذه أبو الندى اللص وكان يقطع الطريق فقال: هات ما أعطاك الخصيب. قال: لم يعطني شيئاً، فضربه مائتي مقرعة يقرره على ما ظن أنه ستره عنه. ثم قدم على الخصيب بعد ذلك زائراً فلم يعطه شيئاً: فقال: جعلت فداك! تكتب إلى أبي الندى أنك لم تعطني شيئاً لئلا يضربني، فضحك ووصله.

[من طرائف الأجوبة]

ومر سالم بن أبي العقار بمحمد بن عمران الطلحي وكان سالم أحد المجان فقال له سالم: هذه الشيبة والهيئة الحسنة والخضاب، ولا تنزع عما أنت فيه!! فقال: يا أبا سليمان؛ إني لأهم بذلك، فإذا مررت بمنزل ابن عمك طلحة بن بلال فرأيت على حاله لم يخسف به علمت أن في الأمر فسحة بعد.

ولما مرض أبو نواس دخل عليه الجماز يعوده. فقال: اتق الله، فكم من محصنة قد قذفت، ومن سيئة قد اقترفت، وأنت على هذه الحال؛ فتب قبل الموت. فقال: صدقت. ولكن لا أفعل! قال: ولم؟ قال: مخافة أن تكون توبتي على يد واحد مثلك.

وقال الجماز: أراد أن يكتب أبو نواس إلى إخوان له دعاهم، فلم يجد قرطاساً يكتب فيه! فكتب في رأس غلام له أصلع ما أراد، ثم قال فيه: فإذا قرأت كتابي، فأحرقوا القرطاس. فضحكوا منه وتركوا للغلام جلدة رأسه.

[نوادر لابن الجصاص]

تقدم الوزير علي بن عيسى إلى ابن أبي عبد الله بن الجصاص في البكور، فأتاه نصف النهار. فقال: ما أخرك يا أبا عبد الله؟ قال بمحلتي أعز الله الأمير كلاب تنبح الليل أجمع، فأسهرتني البارحة، فلما كان مع وجه السحر سكن نباحها، فنمت فغلبتني عيني إلى الآن، فقال له: وما لك يا أبا عبد الله لا تتقدم في قتلها؟ قال: ومن يستطيعها أيها الوزير؟ وكل واحد منها مثلي ومثل أبيك رحمه الله.

<<  <   >  >>