للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ الْمَسَاكِين وَلم يذكر الْفُقَرَاء وَلَا خلاف أَن من يُعْطي من الزَّكَاة لفقر أَو مسكنة أَنه يُعْطي من الفيئ فَثَبت أَن ذكره للْفُقَرَاء مَعَ الْمَسَاكِين على وَجه التَّأْكِيد لَا على أَن وَاحِدًا من الصِّنْفَيْنِ غير الآخر

وَقَالَ تَعَالَى {فكفارته إطْعَام عشرَة مَسَاكِين} الْمَائِدَة ٨٩ وَجَائِز عِنْد الْجَمِيع إِعْطَاء الْفُقَرَاء وَكَذَلِكَ سَائِر الْمَوَاضِع الَّتِي ذكر فِيهَا الْمَسَاكِين والفقراء بمثابتهم عِنْد من يفرق بَينهم

وَأما مَا فرق بِهِ الشَّافِعِي بَين الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فَلَا دلَالَة عَلَيْهِ من كتاب وَلَا سنة وَلَا لُغَة

فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} الْكَهْف ٧٩ فسماهم مَسَاكِين وَأثبت لَهُم ملك السَّفِينَة والفقراء خلافهم وهم الَّذين لَا يملكُونَ شَيْئا

قيل لَهُ قد رَأينَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سمى من لَا يملك شَيْئا مِسْكينا

بقوله {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة} الْبَلَد ١٦ وَهُوَ الَّذِي قد أفْضى إِلَى التُّرَاب فَلم يكن لَهُ مَا يُغْنِيه عَنهُ فقد صَار مُسْتَحقّا لاسم المسكنة بمرتبة سفلى وبمرتبة أَعلَى مِنْهَا وَقَالَ تَعَالَى {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله} الْبَقَرَة ٢٧٣ فوصفهم بالحصر فِي سَبِيل الله وبالمنع بِالْخرُوجِ مِنْهُ إِلَى غَيره وَقد أحطنا علما أَنهم لم يدخلُوا فِي سَبِيل الله خالين من سلَاح يُقَاتلُون بِهِ وَلَا عُرَاة من ثِيَاب تواريهم يؤوون فِيهَا فَرَائض صلواتهم

وَقد قَالَ الرَّاعِي ... أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حلوبته ... وفْق الْعِيَال فَلم يتْرك لَهُ سبد ...

<<  <  ج: ص:  >  >>