للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ أَبُو جَعْفَر منع الله تَعَالَى الْيَتَامَى بعد بُلُوغ النِّكَاح حَتَّى يؤنس الرشد مِنْهُم بقوله تَعَالَى {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح فَإِن آنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} النِّسَاء ٦ وَهِي آيَة محكمَة غير مَنْسُوخَة والابتلاء الْمَذْكُور فِيهَا هُوَ الاختبار لأحوالهم فِي حفظ المَال وتبذيره

فَإِن قيل قد رُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَوْله وابتلوا الْيَتَامَى قَالَ عُقُولهمْ قيل لَهُ هَذَا محَال لِاتِّفَاق الْجَمِيع على أَنه مَمْنُوع من مَاله بعد الْبلُوغ إِذا كَانَ مُفْسِدا فَدلَّ على أَن إيناس الرشد لَيْسَ هُوَ الْعقل فَحسب لِأَنَّهُ لَو كَانَ إيناس الرشد هُوَ الْعقل لما صرفه أحد مِنْهُ مَعَ وجود الْعقل

فَإِن قيل قَالَ الله تَعَالَى فِي آيَة الدّين {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ} الْبَقَرَة ٢٨٢ فَأجَاز مداينة السَّفِيه فَدلَّ على أَن مداينة السَّفِيه لَا يُوجب حجرا

قيل لَهُ اسْم السَّفه يَقع على مَعَاني مُخْتَلفَة مِنْهَا السَّفه فِي المَال وَهُوَ تبذيره وإفساده وَوَضعه فِي غير موَاضعه فَذَلِك السَّفه الْمُخْتَلف فِي حَال أَهله وَاسْتِحْقَاق الْحجر بِهِ وَمِنْهَا السَّفه فِي اللِّسَان وَمَعَهُ إصْلَاح المَال وَذَلِكَ غير مُوجب للحجر

وَيدل على أَن السَّفه قد يكون فِي غير المَال قَوْله تَعَالَى {إِلَّا من سفه نَفسه} الْبَقَرَة ١٣٠ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يُرِيد أهلكها وأوبقها وَمِنْه مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قَالَ لَهُ عبد الله بن عَمْرو إِنِّي أحب أَن يكون رَأْسِي دهينا وقميصي غسيلا وشراك نَعْلي جَدِيدا أَفَمَن الْكبر هُوَ يَا رَسُول الله قَالَ لَا إِنَّمَا الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس وَهَذَا يعود إِلَى معنى إهلاكه نَفسه ويوبقها

<<  <  ج: ص:  >  >>