للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إجَازَة، أَو مناولة، أَو سَمعه يزِيد مِمَّن سمع من زميل وسَمعه زميل مِمَّن سمع من عُرْوَة، وَترك كل وَاحِد مِنْهُمَا من سمع مِنْهُ (وَذكر) من فَوْقه يُوهم بذلك علو إِسْنَاده، وكل ذَلِك لَيْسَ بعلة يسْقط الِاحْتِجَاج بِالْحَدِيثِ لأَجلهَا، أما الْإِجَازَة والمناولة فَلَا خلاف بَين أهل الحَدِيث فِي جَوَاز الْإِخْبَار بِنَاء عَلَيْهِمَا، وَصِحَّة الِاحْتِجَاج بِالْحَدِيثِ الَّذِي يرْوى بهما، وَأما إِذا لم يذكر الرَّاوِي من لقِيه وَسمع مِنْهُ وَذكر من فَوْقه، موهما بذلك علو إِسْنَاده فَهَذَا نوع / من التَّدْلِيس، منع من قبُول رِوَايَة من يتعاطاه أهل الحَدِيث، وحجتهم فِي ذَلِك مَا يذكر من الْحجَّة على رد الْمَرَاسِيل، وَرُبمَا أكدوه هُنَا بِأَنَّهُ بِهَذَا الْفِعْل يُوهم مَا لَيْسَ بِثَابِت، فيزيد حَاله على حَال الْمُرْسل، وَنحن نستدل على جَوَاز الِاحْتِجَاج بِهِ بِمَا استدللنا بِهِ على صِحَة الِاحْتِجَاج بالمراسيل، وَرُبمَا يَتَأَتَّى نوع تَرْجِيح من حَيْثُ إِن هُنَاكَ يقبل مَعَ حذف اسْم كل الروَاة، وَهنا لَيْسَ إِلَّا حذف اسْم راو وَاحِد أَو اثْنَيْنِ، فترجح حَاله على ذَلِك، مَا ذَكرُوهُ من الْإِيهَام لَا يَنْفِي الْعَدَالَة، وَالْمَانِع من الْقبُول مَا ينفيها، وزميل هُوَ مولى عُرْوَة بن الزبير، فَانْتفى أَن يكون مَجْهُولا.

فَإِن قيل: رُوِيَ فِي حَدِيث عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " دخل عَليّ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَأَنا صَائِمَة، فناولني فضل شرابه فَشَرِبت ثمَّ قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي كنت صَائِمَة، وَإِنِّي كرهت أَن أرد سؤرك، فَقَالَ: إِن كَانَ من قَضَاء رَمَضَان فصومي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَإِن شِئْت فاقضيه وَإِن شِئْت فَلَا تقضيه ".

قيل لَهُ: قد روى هَذَا الحَدِيث أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ: عَن أم هَانِئ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " لما كَانَ عَام الْفَتْح - فتح مَكَّة - جَاءَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا فَجَلَست عَن يسَار رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَأم هَانِئ عَن يَمِينه، قَالَت: فَجَاءَت الوليدة بِإِنَاء فِيهِ شراب فناولته فَشرب مِنْهُ، ثمَّ نَاوَلَهُ أم هَانِئ فَشَرِبت (مِنْهُ، فَقَالَت) : يَا رَسُول الله أفطرت

<<  <  ج: ص:  >  >>