للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقد يجوز أَن يكون ذَلِك الْبكاء الَّذِي يعذب بِهِ الْكَافِر فِي قَبره يزْدَاد بِهِ عذَابا على عَذَابه ببكاء كَانَ قد أوصى بِهِ فِي حَيَاته، فَإِن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يوصون بذلك أهلهم أَن يفعلوه بعد وفاتهم، فَيكون الله عز وَجل عذبه فِي قَبره بِسَبَب كَانَ مِنْهُ فِي حَيَاته، وَمن جملَة أشعار الْعَرَب فِي ذَلِك مَا ذكره فِي المعلقات:

(إِذا مت فانعيني بِمَا أَنا أَهله ... وشقي عَليّ الجيب يَا ابْنة معبد)

(بَاب " يصل ثَوَاب الْقُرْآن إِلَى الْمَيِّت ")

روى أَبُو بكر النجاد فِي سنَنه بِإِسْنَادِهِ فِي كتاب الْجَنَائِز من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، (عَن أَبِيه) ، عَن جده أَنه سَأَلَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقَالَ: " يَا رَسُول الله إِن الْعَاصِ بن وَائِل كَانَ نذر فِي الْجَاهِلِيَّة أَن ينْحَر مائَة بَدَنَة، وَإِن هِشَام بن الْعَاصِ نحر حِصَّته من ذَلِك خمسين بَدَنَة، أفتجزئ عَنهُ؟ فَقَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : إِن أَبَاك لَو كَانَ آمن بِالتَّوْحِيدِ فَصمت عَنهُ، أَو تَصَدَّقت، أَو أعتقت عَنهُ، بلغه ذَلِك ".

(وَجه الْحجَّة من هَذَا الحَدِيث)

: أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سوى بَين الصَّوْم وَالصَّدَََقَة وَالْعِتْق فِي الْوُصُول إِلَيْهِ.

وروى الدَّارَقُطْنِيّ: عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " أَن رجلا سَأَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله، عَلَيْك، كَانَ لي أَبَوَانِ وَكنت أبرهما حَال حياتهما، فَكيف لي بِالْبرِّ بعد مَوْتهمَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] " إِن من الْبر بعد الْبر أَن تصلي لَهما مَعَ صَلَاتك، وَأَن تَصُوم لَهما مَعَ صيامك، وَأَن (تصدق) لَهما مَعَ صدقتك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>