للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنهُ (أَن) يُطلق لفظ الصَّدَقَة على الْجِزْيَة، فَإِن الصَّدَقَة عبَادَة والجزية عُقُوبَة، وَلم يطْلب أحد مِمَّن طلب مِنْهُ الْجِزْيَة تَضْعِيف الزَّكَاة عوضا عَن الْجِزْيَة - فِيمَا علمنَا - إِلَّا بَنو تغلب، فَإِنَّهُم طلبُوا من عمر رَضِي الله عَنهُ أَن يصالحهم على ذَلِك، فَصَالحهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ: هِيَ جِزْيَة فسموها مَا شِئْتُم. وَفِي قَوْله: " فَهُوَ أَهْون عَلَيْكُم وَخير للمهاجرين وَالْأَنْصَار (بِالْمَدِينَةِ) "، دَلِيل على أَن الْخطاب كَانَ مَعَ الْمُسلمين، لِأَنَّهُ طلب مِنْهُم ذَلِك وَبَين لَهُم مَا فِيهِ من النَّفْع لأَنْفُسِهِمْ وللمهاجرين وَالْأَنْصَار) فَلَو (لَا) أَنه رأى أَنهم يؤثرون رَاحَة أنفسهم، ووصول الْخَيْر إِلَى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَإِلَّا لما كَانَ لذكر الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار فَائِدَة، وَفِي حَيَاة رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم ينْسب إِلَى أحد من الصَّحَابَة مَذْهَب، وَنقل معَاذ الصَّدَقَة إِلَى الْمَدِينَة لم يكن إِلَّا بِأَمْر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ظَاهرا، وَلم يضف الصَّدَقَة إِلَى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار مُطلقًا، بل أَرَادَ (أَنه) خير للْفُقَرَاء مِنْهُم، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَخير لفقراء الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، / فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وأعربه بإعرابه، وَقد جَاءَ فِي كَلَام الله تَعَالَى كثير من هَذَا

و (قد) روى البُخَارِيّ وَمُسلم: عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " بعث النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ على الصَّدَقَة، فَمنع ابْن جميل، وخَالِد بن الْوَلِيد، وَالْعَبَّاس. فَقَالَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " مَا ينقم ابْن جميل إِلَّا أَن كَانَ فَقِيرا فأغناه الله، وَأما خَالِد بن الْوَلِيد، فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا (فقد) (احْتبسَ أدرعه)

<<  <  ج: ص:  >  >>