للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] رخص (فِيهِ) لقوم فِي عرية (لَهُم) هَذَا مقدارها. فَنقل أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ (ذَلِك) وَأخْبر بِالرُّخْصَةِ فِيمَا كَانَت، وَلَا يَنْفِي ذَلِك أَن تكون الرُّخْصَة جَائِزَة فِيمَا هُوَ أَكثر.

وَأما حَدِيث زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ: " أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى عَن بيع الثَّمر بِالتَّمْرِ وَرخّص فِي الْعَرَايَا ". فقد يقرن الشَّيْء بالشَّيْء وحكمهما مُخْتَلف. وَقَوله فِي حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ: " إِلَّا أَنه رخص فِي الْعَرَايَا " يجوز أَن يكون قصد بذلك إِلَى المعري، وَرخّص لَهُ أَن يَأْخُذ تَمرا بَدَلا من تمر فِي رُؤُوس (شجر) النّخل، لِأَنَّهُ يكون فِي ذَلِك بِمَعْنى البَائِع، وَذَلِكَ لَهُ حَلَال، فَيكون الِاسْتِثْنَاء لهَذِهِ الْعلَّة. وَفِي حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة: " إِلَّا أَنه رخص فِي بيع الْعرية بِخرْصِهَا تَمرا يأكلها (أَهلهَا) رطبا ". (فقد ذكر) للعرية أَهلا وجعلهم يَأْكُلُونَهُ رطبا، وَلَا يكون كَذَلِك إِلَّا وَقد ملكهَا الَّذين عَادَتْ إِلَيْهِم (بِالْبَدَلِ الَّذِي) أَخذ مِنْهُم.

فَإِن قيل: لَو كَانَ تَأْوِيل هَذِه الْأَحَادِيث كَمَا ذهب (إِلَيْهِ) أَبُو حنيفَة لم يكن لذكر الرُّخْصَة معنى.

قيل لَهُ: بل فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا: مَا قَالَه عِيسَى بن أبان: " إِن الْأَمْوَال كلهَا لَا يملك بهَا (أبدا) إِلَّا من كَانَ مَالِكهَا، لَا يَبِيع الرجل مَا لَا يملك (بِبَدَلِهِ) فَيملك ذَلِك الْبَدَل، والمعري لم يكن ملك الْعرية لِأَنَّهُ لم يقبضهَا، وَالتَّمْر الَّذِي يَأْخُذهُ بَدَلا عَنْهَا قد (جعل طيبا لَهُ) (فِي هَذَا، وَهُوَ بدل من رطب لم يكن ملكه، فَقَالَ: هَذَا هُوَ الَّذِي قصد بِالرُّخْصَةِ إِلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>