للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لَهُ: الْجرْح لَا يقبل مَا لم يبين سَببه، وَرِوَايَة من وَقفه لَا يقْدَح فِي رِوَايَة من رَفعه.

فَإِن قيل: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لِصَفْوَان بن أُميَّة حِين اسْتعَار درعه وَقَالَ لَهُ: " أغصباء يَا مُحَمَّد؟ فَقَالَ: لَا بل عَارِية مَضْمُونَة ". مؤاده يدل على (أَن) الْعَارِية مَضْمُونَة (لِأَنَّهُ) لَا يَسْتَقِيم حمله على شَرط الضَّمَان، إِذْ الصِّيغَة لوصف الْعَارِية وَبَيَان حكمهَا، لَا للاشتراط كَمَا فِي قَوْله " مُؤَدَّاة ".

قيل لَهُ: الْجَواب عَن هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه لَا دلَالَة فِيهِ على مَحل الْخلاف، بل هُوَ صفة للعارية الَّتِي استعارها النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَبَيَان حكمهَا، وَلَيْسَ فِيهِ عُمُوم لِأَن الْجَواب يتَقَيَّد بِمَا فِي السُّؤَال. فَقَوله: " أغصبا يَا مُحَمَّد "، لَيْسَ بسؤال عَن حكم العواري، بل سُؤال عَمَّا أَخذه مِنْهُ أَو طلبه مِنْهُ، فَجَوَابه عَلَيْهِ السَّلَام ينْصَرف إِلَيْهِ.

الثَّانِي: أَنه مَحْمُول على اشْتِرَاط الضَّمَان، وَهُوَ مُسْتَقِيم، / وَأما قَوْله: " مُؤَدَّاة " (إِنَّمَا) منعنَا من حمله على الِاشْتِرَاط مَا روى التِّرْمِذِيّ: عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله، عَنهُ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَقُول فِي الْخطْبَة فِي حجَّة الْوَدَاع: " الْعَارِية مُؤَدَّاة، (والمنحة مَرْدُودَة) ، والزعيم غَارِم، وَالدّين مقضي ". هَذَا حَدِيث (صَحِيح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>