للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيل الله، وَكَانَ الرجل الَّذِي هُوَ عِنْده قد أضاعه، فَأَرَدْت أَن أشتريه مِنْهُ، وظننت أَنه بَائِعه برخص، فَسَأَلت عَن ذَلِك رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فَقَالَ: لَا تشتره وَإِن أعطاكه بدرهم وَاحِد، فَإِن الْعَائِد فِي صدقته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ".

فَلم يكن ذَلِك لحُرْمَة ابتياع الصَّدَقَة وَلَكِن لِأَن ترك ذَلِك أفضل.

فَإِن قيل: فقد رُوِيَ أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] قَالَ: " لَا يحل للْوَاهِب أَن يرجع فِي هِبته إِلَّا الْوَالِد فِيمَا وهب لوَلَده " (وَأَنْتُم تَقولُونَ يحل للْوَاهِب أَن يرجع فِي هِبته إِلَّا الْوَالِد فِيمَا وهب لوَلَده) . فقد قُلْتُمْ بضد / مَا قَالَه رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .

قيل لَهُ: مَا أقبح سؤالك وأشنع أقوالك، فَلَو كَانَ عنْدك معرفَة بِأَحَادِيث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لما قلت ذَلِك فَإِن هَذَا اللَّفْظ قد ورد فِي السّنة وَلم يرد بِهِ التَّحْرِيم كَقَوْلِه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " لَا تحل الصَّدَقَة (لَغَنِيّ وَلَا) لذِي مرّة سوي " وَلم يكن مَعْنَاهُ أَنَّهَا تحرم عَلَيْهِ كَمَا تحرم على الْأَغْنِيَاء. فَإِن الزمانة لَا تشْتَرط مَعَ الْفقر، وَلكنهَا لَا تحل لَهُ من حَيْثُ تحل لغيره من ذَوي الْحَاجة والزمانة. وَهَذَا الحَدِيث وصف النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِيهِ ذَلِك الرُّجُوع بِأَنَّهُ لَا يحل تَغْلِيظًا للكراهة، كَيْلا يكون أحد من أمته لَهُ (مثل السوء، يَعْنِي لَا يحل لَهُ كَمَا تحل لَهُ) الْأَشْيَاء الَّتِي قد أحلهَا الله لِعِبَادِهِ، وَلم يَجْعَل لمن فعلهَا مثلا كَمثل السوء، ثمَّ اسْتثْنى من ذَلِك مَا وهب الْوَالِد لوَلَده، فَذَلِك عندنَا وَالله أعلم على

<<  <  ج: ص:  >  >>