للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّحَاوِيّ: عَن (أبي) عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا بَلغَكُمْ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] حَدِيث فظنوا بِهِ الَّذِي هُوَ أهنى، وَالَّذِي هُوَ أهْدى، وَالَّذِي هُوَ أبقى، وَالَّذِي هُوَ خير "

وَهَكَذَا يَنْبَغِي للنَّاس أَن يَفْعَلُوا وَأَن يحسنوا تَحْقِيق ظنونهم، وَلَا يَقُولُوا على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَّا بِمَا (قد) علمُوا، فَإِنَّهُم مسؤولون عَن ذَلِك معاقبون عَلَيْهِ. وَكَيف يجوز لأحد أَن يحمل حَدِيث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] على مَا حمله عَلَيْهِ مخالفنا. وَقد وجدنَا كتاب الله تَعَالَى يَدْفَعهُ وَالسّنة الْمجمع عَلَيْهَا.

أما كتاب الله تَعَالَى فَقَوله تَعَالَى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} . وَقَالَ: {وَأشْهدُوا ذَوي عدل مِنْكُم} ، وَقد كَانَ قبل نزُول هَاتين الْآيَتَيْنِ لَا يَنْبَغِي لَهُم أَن يقضوا بِشَهَادَة ألف رجل، وَلَا أَكثر مِنْهُم، وَلَا أقل، لِأَنَّهُ لَا يُوصل بِشَهَادَتِهِم إِلَى حَقِيقَة صدقهم. فَلَمَّا أنزل الله عز وَجل مَا ذكرنَا قطع بذلك الْعذر وَحكم على مَا أَمر بِهِ (على) مَا تعبد بِهِ خلقه وَلم يحكم بِمَا هُوَ / أقل من ذَلِك لِأَنَّهُ لم يدْخل فِيمَا تعبدوا بِهِ.

وَأما السّنة الْمُتَّفق عَلَيْهَا فَهُوَ أَنه لَا يحكم بِشَهَادَة جَار إِلَى نَفسه مغنما وَلَا دَافع عَنْهَا مغرما. وَالْحكم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد - على مَا حمل عَلَيْهِ هَذَا الْمُخَالف (لنا) حَدِيث رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فِيهِ حكم للْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ، فَذَلِك حكم جَار إِلَى نَفسه مغنما بِيَمِينِهِ، فَهَذِهِ سنة مُتَّفق عَلَيْهَا تدفع الحكم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد، فَأولى

<<  <  ج: ص:  >  >>