للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحَدِيث مُشْتَرك الدّلَالَة، فَيبقى مَا رَوَاهُ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله سالما. قَوْلهم: إِنَّه جُزْء مُتَّصِل، قُلْنَا: نعم لكنه مُنْفَرد بِالْحَيَاةِ، فَوَجَبَ أَن ينْفَرد بالذكاة، لِأَن مَا فِي الْجَنِين من الدَّم المسفوح لَا ينْفَصل بِذَكَاة الْأُم، فَلَا يتذكى بذكاتها بِالضَّرُورَةِ.

فَإِن قيل: روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهم هَذَا الحَدِيث وَفِيه: " فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، نَنْحَر النَّاقة، ونذبح الْبَقَرَة وَالشَّاة، فنجد فِي بَطنهَا الْجَنِين، أفنلقيه أم نأكله؟ قَالَ: كلوه إِن شِئْتُم فَإِن ذَكَاته ذَكَاة أمه ".

قلت: قَالَ الإِمَام أَبُو زيد: لَعَلَّ هَذَا الحَدِيث لم يبلغ أَبَا حنيفَة، فَإِنَّهُ لَا تَأْوِيل لَهُ، وَأجَاب بعض أَصْحَابنَا عَنهُ فَقَالَ: هُوَ معَارض بقوله تَعَالَى: {أَو دَمًا مسفوحا أَو لحم خِنْزِير فَإِنَّهُ رِجْس} . وَفِي الْجَنِين دم مسفوح بِالْإِجْمَاع، لِأَنَّهُ (لَو) خرج حَيا وَلم ينْفَصل عَنهُ مَا فِيهِ من الدَّم بالذكاة حَتَّى مَاتَ، لم يُؤْكَل فَإِذا (انجمد الدَّم) المسفوح فِي أَجْزَائِهِ ممتزجا بهَا وَجب الِاحْتِرَاز والاجتناب عَن جَمِيع أَجْزَائِهِ. وَاحْتِمَال تَأْخِير الْآيَة عَن هَذَا الحَدِيث ثَابت، فَيكون حكم الحَدِيث منتهيا بِالْآيَةِ قطعا، وَلَا كَذَلِك بِتَقْدِير أَن يكون الحَدِيث مُتَأَخِّرًا.

(ذكر الْغَرِيب:)

اللبة: المنحر، / وأري الجنى الْعَسَل، وشرت الْعَسَل، واشترته: اجتنيته، والدعج: شدَّة سَواد الْعين مَعَ سعتها، يُقَال: عين دعجاء، والنجل بِالتَّحْرِيكِ: سَعَة شقّ الْعين، وَمِنْه عين نجلاء. وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>