للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن قيل: " وَقد أعتق رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] صَفِيَّة وَجعل عتقهَا صَدَاقهَا، " وَزوج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الْمَرْأَة الَّتِي وهبت نَفسهَا مِنْهُ رجلا على سُورَة من الْقُرْآن ".

قيل لَهُ: قَوْله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِن حمل على ظَاهره فَذَاك على السُّورَة لَا على تعليمها، وَإِذا كَانَ على السُّورَة فَهُوَ على حُرْمَة السُّورَة، وَلَيْسَ من الْمهْر فِي شَيْء كَمَا تزوج أَبُو طَلْحَة أم سليم على إِسْلَامه.

الطَّحَاوِيّ: عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: أَن " أَبَا طَلْحَة تزوج أم سليم على إِسْلَامه، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فحسنه ". فَلم يكن ذَلِك الْإِسْلَام مهْرا فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا معنى تزَوجهَا على إِسْلَامه (أَنه تزَوجهَا لإسلامه) ، وَقد زَاد بَعضهم فِي هَذَا الحَدِيث: " مَا كَانَ لَهَا مهر غَيره وَمعنى ذَلِك وَالله أعلم: مَا أَرَادَت مِنْهُ مهْرا غَيره، وَكَذَلِكَ حَدِيث الْمَرْأَة الَّتِي ذكرنَا.

وَالَّذِي يُؤَيّد هَذَا: " أَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] نهى أَن يتعوض بِالْقُرْآنِ شَيْء من عوض الدُّنْيَا "، وَيجوز أَن يكون الله عز وَجل أَبَاحَ لرَسُوله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ملك الْبضْع بِغَيْر صدَاق، وأباح لَهُ تمْلِيك غَيره مَا كَانَ لَهُ ملكه بِغَيْر صدَاق، فَيكون ذَلِك خَالِصا للنَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] . كَمَا قَالَ اللَّيْث: " لَا يجوز بعد رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَن يتَزَوَّج بِالْقُرْآنِ ". وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الْمَرْأَة قَالَت لرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : " قد وهبت نَفسِي لَك، فَقَامَتْ قيَاما طَويلا، فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله، زوجنيها إِن لم (يكن) لَك بهَا حَاجَة ". وَلم (يذكر) فِي الحَدِيث

<<  <  ج: ص:  >  >>