للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن قيل: بل مَعْنَاهُ " إِنَّمَا صِحَة الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ ".

قيل لَهُ: مَا أضمرناه مُتَّفق على إِرَادَته فَإِن من نفى الصِّحَّة نفى الثَّوَاب، وَمَا أضمرته مُخْتَلف فِيهِ فَإِن من أضمر الثَّوَاب لم ينف الصِّحَّة، وإضمار مَا اتّفق عَلَيْهِ أولى من إِضْمَار مَا اخْتلف فِيهِ.

سلمنَا أَن حَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ يدل على اشْتِرَاط النِّيَّة وَلَكِن فِي الْأَعْمَال الَّتِي هِيَ عبَادَة، وَمعنى الْعِبَادَة لَا يُمكن تحَققه فِيمَا وَقع شرطا للصَّلَاة، لِأَن الْعِبَادَة فِي اللُّغَة: " التذلل "، وَفِي الشَّرْع: " مَا يَأْتِيهِ العَبْد تذللا وتخشعا لله تَعَالَى على مُخَالفَة الْهوى تَعْظِيمًا "، وَلِأَن أصل الْفِعْل لَا دَلِيل على وُجُوبه إِلَّا قَوْله تَعَالَى: {فاغسلوه} وَهُوَ من الْأَوَامِر الَّتِي يطْلب بهَا حُصُول الْمَأْمُور بِهِ فَحسب، كالأمر بِغسْل النَّجَاسَة، وَستر الْعَوْرَة، وَأَدَاء الْأَمَانَة، ورد المغضوب.

وَلَيْسَ الْأَمر بِغسْل النَّجَاسَة من بَاب الْأَمر بِالتّرْكِ. بل من بَاب الْأَمر بِالْفِعْلِ، قَالَ الله تَعَالَى: {وثيابك فطهر} .

وَقد وَافَقنَا فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ الثَّوْريّ، وَالْأَوْزَاعِيّ، رحمهمَا الله تَعَالَى.

(ذكر مَا فِي حَدِيث أم سَلمَة من الْغَرِيب:)

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ: " ضفر، فقرأه النَّاس بِإِسْكَان الْفَاء وَإِنَّمَا هُوَ بِفَتْحِهَا، لِأَنَّهُ بِالسُّكُونِ مصدر من ضفر يضفر ضفرا، وبالفتح هُوَ الشَّيْء المضفور كالشعر وَغَيره، والضفر هُوَ نسج خصل الشّعْر وَإِدْخَال بَعْضهَا فِي بعض معرضة، وَمِنْه قيل للحبال المفتولة العراض: ضفائر " /.

<<  <  ج: ص:  >  >>