للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة والعنبة ". وَفِي رِوَايَة؛ " الكرمة والنخلة ".

وَجه التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث: أَن الْخمر اسْم جنس لدُخُول الْألف وَاللَّام عَلَيْهِ، فاستوعب بِهِ جَمِيع مَا يُسمى بِهَذَا الِاسْم. فَلم يبْق من الْأَشْرِبَة شَيْء إِلَّا وَقد استغرقه. ثمَّ اتفقنا على أَن كل مَا يخرج مِنْهُمَا لَيْسَ بِخَمْر، فَعلمنَا أَن المُرَاد بعض الْخَارِج من هَاتين الشجرتين. وَذَلِكَ الْبَعْض غير مَذْكُور فِي الْخَبَر، فاحتجنا إِلَى الِاسْتِدْلَال / على مُرَاده من غَيره فَنَقُول: يحْتَمل أَنه أَرَادَ الْخَارِج (مِنْهُمَا، وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ الْخَارِج) من أَحدهمَا (فعمهما بِالْخِطَابِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان} " وَإِنَّمَا يخرج من أَحدهمَا) . وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ألم يأتكم رسل مِنْكُم} وَالرسل من الْإِنْس لَا من الْجِنّ، وكما قَالَ فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت إِذْ أَخذ على أَصْحَابه فِي الْبيعَة كَمَا أَخذ على النِّسَاء: " لَا تُشْرِكُوا (بِاللَّه) وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا ". ثمَّ قَالَ: " من أصَاب من ذَلِك شَيْئا فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَة لَهُ ". وَقد علمنَا أَن من أشرك فَعُوقِبَ بشركه فَلَيْسَ ذَلِك بكفارة لَهُ، فَدلَّ بِمَا ذكرنَا إِنَّمَا أَرَادَ مَا سوى الشّرك، فعلى هَذَا احْتمل أَن يكون الْمَقْصُود من ذَلِك من العنبة لَا من النَّخْلَة. فَإِن كَانَ المُرَاد هُنَا جَمِيعًا فَإِن ظَاهر اللَّفْظ يدل على أَن الْمُسَمّى بِهَذَا الِاسْم هُوَ أول شراب يصنع مِنْهَا من الْأَشْرِبَة. لِأَن " من " (يعتورها) معَان فِي اللُّغَة. مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>