للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّحَاوِيّ: عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " خرج رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى بدر، فلقي الْعَدو، فَلَمَّا هَزَمَهُمْ الله اتبعهم طَائِفَة من الْمُسلمين يَقْتُلُونَهُمْ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَة برَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، واستولت طَائِفَة بالعسكر والنهب، فَلَمَّا نفى الله عز وَجل الْعَدو وَرجع الَّذين طلبوهم، قَالُوا: لنا النَّفْل، نَحن طلبنا الْعَدو وبنا نفاهم الله تَعَالَى وَهَزَمَهُمْ. وَقَالَ الَّذين أَحدقُوا برَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : مَا أَنْتُم بِأَحَق منا، هُوَ لنا، نَحن أَحدقنَا برَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لَا ينَال الْعَدو مِنْهُ غرَّة. وَقَالَ الَّذين استولوا على الْعَسْكَر والنهب: وَالله مَا أَنْتُم بِأَحَق منا، نَحن حويناه واستوليناه. فَأنْزل الله عز وَجل: {يَسْأَلُونَك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} . إِلَى قَوْله: {إِن كُنْتُم مُؤمنين} . فقسم رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بَينهم على سَوَاء ".

أَفلا ترى أَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] لم يفضل فِي ذَلِك الَّذين توَلّوا الْقَتْل على الآخرين، فَثَبت بذلك أَن سلب الْمَقْتُول لَا يجب للْقَاتِل بقتْله لصَاحبه إِلَّا بِجعْل الإِمَام إِيَّاه لَهُ، على مَا فِيهِ من صَلَاح الْمُسلمين من التحريض على قتال / عدوهم.

فَإِن قيل: إِن الَّذِي ذكرتموه من سلب أبي جهل، وَمَا ذكرتموه فِي حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي يَوْم بدر قبل أَن تجْعَل الأسلاب للقاتلين. ثمَّ جعل رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَوْم خَيْبَر الأسلاب للقاتلين فَقَالَ: " من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه " فنسخ ذَلِك مَا تقدم.

قيل لَهُ: لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون أَرَادَ بِهِ من قتل قَتِيلا فِي تِلْكَ الْحَرْب

<<  <  ج: ص:  >  >>