للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرده على الْمُسلمين) ، فَرده فَكَانَ ربع السوَاد لبجيلة، فَأَخذه مِنْهُم وَأَعْطَاهُمْ ثَمَانِينَ دِينَارا ".

قيل لَهُ: (مَا) دلّ هَذَا الحَدِيث على مَا ذكرت / وَلَكِن يجوز أَن يكون عمر (فعل ذَلِك) فِي طَائِفَة من السوَاد فَجَعلهَا لبجيلة، ثمَّ أَخذ ذَلِك مِنْهُم للْمُسلمين وعوضهم مِنْهَا عوضا من مَال الْمُسلمين. فَكَانَت تِلْكَ الطَّائِفَة الَّتِي جرى فِيهَا هَذَا الْفِعْل للْمُسلمين بِمَا عوض عمر أَهلهَا مَا عوضهم مِنْهَا من ذَلِك، وَمَا بَقِي بعد ذَلِك من السوَاد فعلى الحكم الَّذِي قدمنَا. وَلَوْلَا ذَلِك لكَانَتْ أَرض السوَاد أَرض عشر.

فَإِن قيل: رُوِيَ أَيْضا عَن قيس بن (أبي) حَازِم قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة من بجيلة إِلَى عمر فَقَالَت: إِن قومِي رَضوا مِنْك من السوَاد بِمَا لم أَرض، وَلست أرْضى حَتَّى تملأ كفي ذَهَبا، وجملي طَعَاما، أَو كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ، فَفعل ذَلِك بهَا عمر ".

قيل لَهُ: هَذَا (أَيْضا) عندنَا - وَالله أعلم - على الْحَرْف الَّذِي كَانَ سلمه عمر لبجيلة فملكوه ثمَّ أَرَادَ انْتِزَاعه مِنْهُم بِطيب أنفسهم، وَلم يخرج تِلْكَ الْمَرْأَة إِلَّا بِمَا طابت بِهِ نَفسهَا فَأَعْطَاهَا عمر مَا طلبت حَتَّى رضيت فَسلمت مَا كَانَ لَهَا من ذَلِك كَمَا سلم سَائِر قَومهَا حُقُوقهم.

فَإِن قيل: قَوْله تَعَالَى: {وأورثكم أَرضهم وديارهم} فِيهِ دلَالَة على أَن الأَرْض المغنومة الَّتِي ظهر عَلَيْهَا الإِمَام لَا يجوز أَن يقر أَهلهَا عَلَيْهَا.

قيل لَهُ: لَيْسَ كَذَلِك، لِأَن ظَاهر قَوْله تَعَالَى: {وأورثكم} (لَا) يخْتَص بِإِيجَاب الْملك بالظهور وَالْغَلَبَة، فَإِن الله تَعَالَى قَالَ: {ثمَّ أَوْرَثنَا الْكتاب الَّذين اصْطَفَيْنَا من عبادنَا} وَلم يرد بذلك الْملك. وَلَو صَحَّ أَن المُرَاد الْملك فَالْمُرَاد بِهِ أَرض

<<  <  ج: ص:  >  >>