للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَاب إِذا دخل الْوَاحِد أَو الِاثْنَان دَار الْحَرْب (مغيرين) بِغَيْر إِذن الإِمَام فَمَا غنمه فَهُوَ لَهُ وَلَا خمس عَلَيْهِ)

قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء} يَقْتَضِي أَن يكون الغانمون جمَاعَة، لِأَن حُصُول الْغَنِيمَة مِنْهُم شَرط فِي الِاسْتِحْقَاق، وَلَيْسَ ذَلِك بِمَنْزِلَة قَوْله تَعَالَى: {اقْتُلُوا الْمُشْركين} . و {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه} فِي لُزُوم قتل الْوَاحِد على حياله وَإِن لم يكن مَعَه جمَاعَة إِذا كَانَ مُشْركًا، لِأَن ذَلِك (أَمر بقتل الْجَمَاعَة وَالْأَمر بقتل الْجَمَاعَة لَا يُوجب) اعْتِبَار الْجمع إِذْ لَيْسَ فِيهِ شَرط. وَقَوله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم} فِيهِ معنى الشَّرْط وَهُوَ حُصُول الْغَنِيمَة لَهُم بقتالهم، فَهُوَ كَقَوْل / الْقَائِل: إِن كلمت هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَة فَعَبْدي حر. إِن شَرط الْحِنْث كَلَام الْجَمَاعَة، وَلَا يَحْنَث بِكَلَام بَعْضهَا. وَأَيْضًا لما اتّفق الْجَمِيع على أَن الْجَيْش إِذا غنموا لم يشاركهم جَمِيع الْمُسلمين فِي الْأَرْبَعَة الْأَخْمَاس، لأَنهم لم يشْهدُوا الْقِتَال، وَلم يكن مِنْهُم حِيَازَة الْغَنِيمَة وَجب أَن يكون هَذَا المغير وَحده يسْتَحق مَا غنمه. وَأما الْخمس فَإِنَّهُ يسْتَحق من الْغَنِيمَة الَّتِي حصلت بِظهْر الْمُسلمين ونصرتهم، وَهُوَ أَن يكون فيؤه للغانمين، وَمن دخل دَار الْحَرْب وَحده مغيرا فقد برِئ من نصْرَة الإِمَام، لِأَنَّهُ عَاص لَهُ دَاخل بِغَيْر أمره، فَوَجَبَ أَن لَا يسْتَحق مِنْهُ الْخمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>