للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ عدل ثِقَة وَقد اتّفق على إرْسَال هَذَا الحَدِيث معمر، وَأَبُو عوَانَة، وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة، وَسَعِيد بن أبي بشير، فَرَوَوْه عَن قَتَادَة، عَن أبي الْعَالِيَة، وتابعهم عَلَيْهِ ابْن أبي الذَّيَّال، وَهَؤُلَاء خمس ثِقَات، فَإِن صَحَّ عَن أبي الْعَالِيَة أَنه كَانَ لَا يُبَالِي من أَيْن (أَخذ) الحَدِيث، قُلْنَا لكنه إِذا أرسل الحَدِيث لَا يُرْسِلهُ إِلَّا عَمَّن تقبل رِوَايَته، لِأَن الْمَقْصُود من رِوَايَة الحَدِيث لَيْسَ إِلَّا التَّبْلِيغ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، وخاصة إِذا تضمن حكما شَرْعِيًّا، فَإِذا أرسل الحَدِيث وَلم يذكر من أرْسلهُ عَنهُ مَعَ علمه أَو ظَنّه بِعَدَمِ عَدَالَته، كَانَ غاشا للْمُسلمين، وتاركا لنصيحتهم، فَتسقط عَدَالَته، وَيدخل فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " من غش فَلَيْسَ منا ". وَقد ثبتَتْ / عَدَالَته، وَرَوَاهُ الثِّقَات عَنهُ مُرْسلا فَدلَّ على أَنه أرْسلهُ عَن عدل، وَلِأَن الْمُرْسل شَاهد على الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِإِضَافَة الْخَبَر إِلَيْهِ، فَلَو لم يكن ثَابتا عَنهُ بطرِيق تقَارب الْعلم لما أرْسلهُ، ولكان أسْندهُ لتَكون الْعهْدَة على غَيره، وَهَذِه عَادَة غير مدفوعة أَن من قوي ظَنّه بِوُجُود شَيْء أعرض عَن إِسْنَاده. فَهَذِهِ مَسْأَلَة تفرد بهَا أَصْحَابنَا اتبَاعا لهَذَا الحَدِيث، وَتركُوا الْقيَاس من أَجله، وَهَذِه شَهَادَة ظَاهِرَة لَهُم أَنهم يقدمُونَ الحَدِيث على الْقيَاس، وهم أتبع للْحَدِيث من سَائِر النَّاس.

<<  <  ج: ص:  >  >>