للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفت خصره الذي ... أخفاه ردف راجح

قالوا وصف جبينه ... فقلت ذاك واضح

ومنها:

له عين لها غزل وغزو ... مكحلة ولي عين تباكت

وحاكت في فعائلها المواضي ... فيا لك مقله غزلت وحاكت

ومنها:

عودا لصب بكى عليكم ... يا جيرة ودّعوا وساروا

فدمع عينيه صار بحراً ... وقلبه ما له قرار

ومنها:

لا تبعثوا غير الصبا بتحية ... ما طاب في سمعي حديث سواها

حفظت أحاديث الهوى وتضوّعت ... نشراً فيا الله ما أذكاها

ومنها:

لم أنس ليلة بتنا ... والحب قد غاب عنا

وقد روى عنه لفظ ... حتى حسبناه معنا

وقال:

لم أنس أيام الصبا والهوى ... لله أيام النجا والنجاح

ذاك زمان مرّ حلو الجنى ... ظفرت منه بحبيب وراح

ومنها وهي من قصيدة طويلة ذكر ابن حجة في شرح بديعيته أنه مدح بها صاحب حماة:

ثاني المعاطف كنت أول عاشق ... في حبه ولكل ثان أول

يدنو فيحلو للمتيم لحظه ... إذ ذاك لحظ بالنعاس معسل

وتميس منه شمائل لم أدر من ... مشمولة أو حرّكتها شمأل

متلوّن الأوصاف سيف لحاظه ... ماض ولكن هجره مستقبل

[القسم الثاني]

[فيمن اشتهر في العشق حاله ولم يدر مآله]

فمنهم ما حكاه من له اعتناء بظرائف الأخبار، قال نزلت داراً فوجدت مكتوباً على حائط:

دعوا مقلتي تبكي لفقد حبيبها ... ليطفىء برد الدمع حرّ كروبها

ففي حبل خيط الدمع للقلب راحة ... فطوبى لنفس متعت بحبيبها

بمن لو رأته القاطعات أكفها ... لما رضيت إلا بقطع قلوبها

فسألت فقيل كان بها تاجر يهوى غلاماً وأنه أنفق عليه ثلاثين ألف دينار حتى نفد ما معه فلم يدر ما تم من أمرهما.

ومنهم ما حكاه بعضهم، قال دخلت درب الزعفراني ببغداد فرأيت غلاماً قد طرح شيخاً على التراب وهو يعضه ويضربه، فقلت لا تفعل ذلك بأبيك وأنا أظن أنه أبوه، فقال حتى أفرغ أكلمك. فلما فرغ أقبل علي وقال هذا الشيخ يزعم أنه يهواني وله ثلاث ما رآني.

ومنهم ما حكاه الأصمعي عن أبي نواس، قال رأى غلاماً بمكة فعلقه وقال لأقبلنه عند الحجر، قلت اتق الله في ذلك قال لا بد منه فدنا وقبله حين أراد أن يلثم الحجر وأنا أنظره، فلما عنفته قال إن الله رحيم وأنشد:

وعاشقان التف خداهما ... عند استلام الحجر الأسود

فاشتفيا من غير أن يأثما ... كأنما كانا على موعد

ومنهم رجل بأفريقية كان يهوى غلاماً وازدادت محبته له حتى استغرقه الحال وأنه انفرد ليلة يشرب فذكر تجني الغلام عليه وهجره له، فأخذ قبساً فأحرق بابه ورآه بعض جيرانه فحين أصبحوا رفعوه إلى القاضي وكان لطيفاً، فقال لأي شيء فعلت هذا، فأنشد:

لما تمادى على بعادي ... وأضرم النار في فؤادي

ولم أجد من هواه بداً ... ولا معيناً على السهاد

حملت نفسي على وقوفي ... ببابه حملة الجواد

فطار من بعض نار قلبي ... أكبر في الوصف من زناد

فأحرق الباب دون علمي ... ولم يكن ذاك من مرادي

فاستظرفه القاضي وحمل عنه ما أفسده.

[القسم الثالث]

[في ذكر من ساعده الزمان في المراد حتى بلغه ما أراد]

فمنهم ما حكى أنه كان ببغداد رجل صوفي معروف بالزهد والعبادة فهوى غلاماً جندياً حتى امتزج حبه بلحمه ودمه واشتهر أمره عند غالب غلمان الغلام لأن الصوفي كان يتقصده في الطرق والمواكب لينظره، فبينما الصوفي ليلة يصلي على سطحه إذ سمع صوت الغلام ماراً فسقط من على السطح فرآه الغلمان فضحكوا. فقال مولاهم ما لكم؟ فقالوا لا شيء فأقسم عليهم فتقدم إليه بعضهم وأسر الخبر إليه وأعلمه أنه يهواه فقال منذ كم قالوا من زمان طويل فقال بئس المرء الذي لا يعرف من أحبه ثم نزل فأقعده ونفض عنه التراب فنقطت الشمعة على وجه الشيخ ففتح عينيه فرأى صاحبه فأنشد:

يا محرقاً بالنار وجه محبه ... رفقاً فإن مدامعي تطفيه

<<  <   >  >>