للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتى كان للمولى سناء ورفعة ... وللطارق الساري قرى غير فاتر

ومنها:

فأقسمت أبكي بعد توبة هالكاً ... وأحفل ما نالت صروف المقادر

على مثل همام وكابن مطرف ... تبكي البواكي أو كبشر بن عامر

غلامان كانا استوردا كل سورة ... من المجد ثم استوثقا في المصادر

ربيعي حياً كانا يفيض نداهما ... على كل مغمور نداء وغامر

كان سنا ناريهما كل شتوة ... سنا البرق يبدو للعيون النواظر

ومن مراثيها فيه أيضاً:

أيا عين بكى توبة بن حمير ... بسح كفيض الجدول المتفجر

لتبكي عليه من خفاجة نسوة ... بماء شؤن العبرة المتحدر

سمعن بهيجا أضلعت فذكرنه ... وما يبعث الأحزان مثل التذكر

كان فتى الفتيان توبة لم يسر ... بنجد ولم يطلع مع المتغوّر

ولم يرد الماء السدام إذا بدى ... سنا الصبح في بادي الحواشي منوّر

ولم يغل بالجود الجياد يقودها ... أسرته يوم المشان فاقسر

ولم يغلب الخصم الصحاح ويملأ الجف ... ان سديفاً يوم نكباء صرصر

وصحراء موماة يحاربها القطا ... قطعت على هول الجبان بمنسر

يقودون قبا كالسراحين لاحها ... سراهم وسير الراكب المتهجر

فلما بدت أولى العدوّ سقيتها ... بصياب مسكوب المزاد المقير

ولما أهابوا بالنهاب حويتهم ... بخاطي البضيع كره غير أعسر

بمرّ ككرّ الأندري مثابر ... إذا ما ونينا مخصف الشد محضر

وألوت بأعناق طوال وراعها ... صلاصل بيض سابغ ومسوّر

ألم تر أن العبد يقتل ربه ... فيظهر جدّ العبد من غير مظهر

قتلتم فتى لا يسقط الروع رمحه ... إذا الخيل جالت في القنا المتكسر

فيا توب للهيجا ويا توب للندى ... ويا توب للمستنج المتنوّر

ويا رب مكروب أجبت ونائل ... بذلت ومعروف لديك ومنكر

وأنشدته غير ذلك مما لا حاجة لنا إلى ذكره، إذ ليس على شريعتنا فانعم عليها فوق ما سألت، ثم قال لها هل بقي لك حاجة. قالت نعم تدفع إلي النابغة أحكم فيها بما أرى، وكان يتهاجى هو وإياها.

فلما سمع بذلك هرب إلى الشام فتبعته، ثم استأذنت عبد الملك فيه فأذن لها وأظنه الذي سألها عن توبة أكان كما يقول الناس. فقالت يا أمير المؤمنين كان والله سبط البنان حديد السنان عفيف المئزر جميل المنظر لا معاوية كما قيل هنا ثم أنها لم تزل في طلب النابغة حتى توفيت بقومس بلدة من أعمال بغداد على جانب الفرات، وقيل بحلوان والمدى بينهما قريب، وهذا يعارض ما سبق من موتها عند قبر توبة وظاهر تطار الروايات صحة الأول.

[ومنهم]

[عامر بن سعيد بن راشد]

وينسب إلى كعب بن الأميل الطائي، كان يهوى ابنة عمه جميلة بنت واثلة بن راشد.

قال في النزهة إن ولادتهما كانت في ليلة واحدة ونشآ غير متفرقين حين بلغا الحلم وقد اشتد كلف كل منهما بصاحبه وكان سعيد ذا ثروة وكان أخوه واثلة قد اتفق معه على تزويج ابنته من عامر فاتفق أن وقع بين تميم ومزينة فانتهبت مزينة فلم يترك لسعيد ثنية ولا ناب ووقع فيه جراح كثيرة، فمات أثر الوقعة بأيام وقد أملق أهله فامتنع وائلة من تزويج عامر وحجبت جميلة عنه فاختبل واعتوره الجنون وقال الشيزري لم يمنعه منها لاملاقه، وإنما كان أبوه يمنعه عن أن يشيع عشقها.

فلما مات أشاعه في العرب وشبب بها فامتنع عمه لما سبق لك بيانه من عادة العرب ولما اشتد به الحال أشار النساء على والدته ان تعرض عليه العذريات. فكان كلما رأى واحدة يشكرها ثم يتنفس الصعداء، ويقول ماء ولا كصداء المثل السابق. فلما كان بعد مدة قدم رجل من طيء على واثلة فخطب جميلة منه وذكر النسب فزوجها منه، فلما زفت إليه وقع عامر على الوساد فاعتزلت به أمه عن العرب لئلا يرى الزفاف.

<<  <   >  >>