للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل فِي بَيَان حكم الْعَام

قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين مِمَّن لَا سلف لَهُم فِي الْقُرُون الثَّلَاثَة حكمه الْوَقْف فِيهِ حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْمُشْتَرك أَو الْمُجْمل وَيُسمى هَؤُلَاءِ الواقفية إِلَّا أَن طَائِفَة مِنْهُم يَقُولُونَ يثبت بِهِ أخص الْخُصُوص وَفِيمَا وَرَاء ذَلِك الحكم هُوَ الْوَقْف حَتَّى يتَبَيَّن المُرَاد بِالدَّلِيلِ

وَقَالَ الشَّافِعِي هُوَ مجْرى على عُمُومه مُوجب للْحكم فِيمَا تنَاوله مَعَ ضرب شُبْهَة فِيهِ لاحْتِمَال أَن يكون المُرَاد بِهِ الْخُصُوص فَلَا يُوجب الحكم قطعا بل على تجوز أَن يظْهر معنى الْخُصُوص فِيهِ لقِيَام الدَّلِيل بِمَنْزِلَة الْقيَاس فَإِنَّهُ يجب الْعَمَل بِهِ فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة لَا على أَن يكون مَقْطُوعًا بِهِ بل مَعَ تجوز احْتِمَال الْخَطَأ فِيهِ أَو الْغَلَط وَلِهَذَا جوز تَخْصِيص الْعَام بِالْقِيَاسِ ابْتِدَاء وبخبر الْوَاحِد فقد جعل الْقيَاس وَخبر الْوَاحِد الَّذِي لَا يُوجب الْعلم قطعا مقدما على مُوجب الْعَام حَتَّى جوز التَّخْصِيص بهما وَجعل الْخَاص أولى بالمصير إِلَيْهِ من الْعَام على هَذَا دلّت مسَائِله فَإِنَّهُ رجح خبر الْعَرَايَا على عُمُوم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام التَّمْر بِالتَّمْرِ كَيْلا بكيل فِي حكم الْعَمَل بِهِ وَجعل هَذَا قولا وَاحِدًا لَهُ فِيمَا يحْتَمل الْعُمُوم وَفِيمَا لَا يحْتَمل الْعُمُوم لِانْعِدَامِ مَحَله فَقَالَ يجب الْعَمَل فيهمَا بِقدر الْإِمْكَان حَتَّى يقوم دَلِيل التَّخْصِيص على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا

وَالْمذهب عندنَا أَن الْعَام مُوجب للْحكم فِيمَا يتَنَاوَلهُ قطعا بِمَنْزِلَة الْخَاص مُوجب للْحكم فِيمَا تنَاوله يَسْتَوِي فِي ذَلِك الْأَمر وَالنَّهْي وَالْخَبَر إِلَّا فِيمَا لَا يُمكن اعْتِبَار الْعُمُوم فِيهِ لِانْعِدَامِ مَحَله فَحِينَئِذٍ يجب التَّوَقُّف إِلَى أَن يتَبَيَّن مَا هُوَ المُرَاد بِهِ بِبَيَان ظَاهر بِمَنْزِلَة الْمُجْمل فعلى هَذَا دلّت مسَائِل عُلَمَائِنَا رَحِمهم الله

قَالَ مُحَمَّد رَحمَه الله فِي الزِّيَادَات إِذا أوصى بِخَاتم لرجل ثمَّ أوصى بفصه لآخر بعد ذَلِك فِي كَلَام مَقْطُوع فالحلقة للْمُوصى لَهُ بالخاتم والفص بَينهمَا نِصْفَانِ لِأَن الْإِيجَاب الثَّانِي فِي عين مَا أوجبه للْأولِ لَا يكون رُجُوعا

<<  <  ج: ص:  >  >>