للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَن قَوْله وَالله وَحده قسم ظَاهرا وَكَذَا أَحْلف أَو أقسم بِخِلَاف قَوْله أَحْلف بِاللَّه فالباء لصلة الْفِعْل دون الْمُضمر لِأَن هَذَا الإستعمال لتوسعة صلَة الْقسم لَا لِمَعْنى الإلصاق فَلَو اسْتعْمل فيهمَا كَانَ مستعارا عَاما وَلَا حَاجَة إِلَى ذَلِك وَإِنَّمَا الْحَاجة إِلَى الإستعارة لصلة الْقسم حَتَّى يشبه قسمَيْنِ وَلِهَذَا لَا يسْتَعْمل مَعَ الْكِنَايَة نَحْو الْكَاف وَالْهَاء وَمَعَ الأسم الصَّرِيح يسْتَعْمل فِي جَمِيع الْأَسْمَاء وَالصِّفَات نَحْو قَوْله والرحمن والرب

ثمَّ التَّاء تسْتَعْمل أَيْضا فِي صلَة الْقسم قَالَ تَعَالَى {وتالله لأكيدن أصنامكم} وَهَذَا لما بَين حرف التَّاء وَالْوَاو من الْمُنَاسبَة فَإِنَّهُمَا من حُرُوف الزَّوَائِد فِي كَلَام الْعَرَب يُقَام أَحدهمَا مقَام الآخر فِي التراث مَعَ الوراث والتورية والوورية وَمَا أشبه ذَلِك وَلما كَانَ الْمَقْصُود بِهَذَا الإستعمال توسعة صلَة الْقسم لشدَّة الْحَاجة إِلَى ذَلِك خَاصَّة كَانَ التَّاء أخص من الْوَاو لمَكَان أَن الْوَاو مستعار لَيْسَ بِأَصْل فِي صلَة الْقسم وَلِهَذَا يخْتَص باسم الله حَتَّى لَا يَسْتَقِيم أَن يَقُول تالرحمن كَمَا يَسْتَقِيم والرحمن وَمَعَ حذف هَذِه الصلات يَسْتَقِيم الْقسم أَيْضا لاعْتِبَار معنى التَّخْفِيف والتوسعه حَتَّى إِذا قَالَ الله يكون يَمِينا وَلَكِن الْمَذْهَب عِنْد نحويى الْبَصْرَة الذّكر بِالنّصب وَعند نحويى الْكُوفَة بالخفض وَهُوَ الْأَظْهر عِنْد الْفُقَهَاء

وَمِمَّا هُوَ مَوْضُوع بِمَعْنى الْقسم قَوْله وأيم الله إِلَّا أَن الْمَذْهَب عِنْد نحويى الْكُوفَة أَن مَعْنَاهُ أَيمن وَهُوَ جمع يَمِين وَمِنْه قَول الْقَائِل: ... فَقَالَت يَمِين الله مَالك حِيلَة ... وَمَا إِن أرى عَنْك الغواية تنجلى ...

وَعند نحويى الْبَصْرَة هَذِه كلمة مَوْضُوعَة فِي صلات الْقسم لَا اشتقاق لَهَا نَحْو صه ومه والهمزة فِيهَا للوصل أَلا ترى أَنَّهَا تسْقط إِذا نقدمها حرف بِمَنْزِلَة سَائِر حُرُوف الْوَصْل وَلَو كَانَت لبِنَاء صِيغَة الْجمع لم تسْقط إِذا تقدمها حرف وَمِمَّا يُؤدى إِلَى معنى الْقسم قَوْله لعمر الله قَالَ تَعَالَى {لعمرك} وَاللَّام

<<  <  ج: ص:  >  >>