للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَكنَّا نقُول أَنْوَاع الْكَرَامَة لأهل الْبَيْت مُتَّفق عَلَيْهِ وَلَكِن حكم الْإِجْمَاع سَبِيل من أناب إِلَيّ فَكل من كَانَ منيبا إِلَى ربه فَهُوَ دَاخل فِي هَذِه الْآيَة وَهُوَ مُرَاد بقوله تَعَالَى {وَيتبع غير سَبِيل الْمُؤمنِينَ} كَمَا ذكرنَا من الِاسْتِدْلَال بِهِ

فصل الشَّرْط

زعم بعض النَّاس أَن انْقِرَاض الْعَصْر شَرط لثُبُوت حكم الْإِجْمَاع

وَهُوَ قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله أَيْضا لِأَن قبل انْقِرَاض الْعَصْر إِذا بدا لبَعْضهِم رَأْي خلاف رَأْي الْجَمَاعَة فَإِن مَا ظهر لَهُ فِي الِانْتِهَاء بِمَنْزِلَة الْمَوْجُود فِي الِابْتِدَاء وَلَو كَانَ مَوْجُودا لم ينْعَقد إِجْمَاعهم بِدُونِ قَوْله فَكَذَلِك إِذا اعْترض لَهُ ذَلِك وَلَا يَقع الْأَمْن عَن هَذَا إِلَّا بانقراض الْعَصْر على ذَلِك الْإِجْمَاع أَلا ترى أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُسَوِّي بَين النَّاس فِي العطايا وَكَانُوا لَا يخالفونه فِي ذَلِك ثمَّ فضل عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي العطايا فِي خِلَافَته وَلَا يظنّ بِهِ مُخَالفَة الْجَمَاعَة فَعرفنَا أَن بِدُونِ انْقِرَاض الْعَصْر لَا يثبت حكم الْإِجْمَاع وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ اتّفق رَأْيِي ورأي عمر على أَن أُمَّهَات الْأَوْلَاد لَا يبعن وأنهن أَحْرَار عَن دبر من الموَالِي ثمَّ رَأَيْت أَن أرقهن

فَلَو ثَبت الْإِجْمَاع قبل انْقِرَاض الْعَصْر لما استجاز خلاف الْإِجْمَاع بِرَأْيهِ

وَأما عندنَا انْقِرَاض الْعَصْر لَيْسَ بِشَرْط لِأَن الْإِجْمَاع لما انْعَقَد بِاعْتِبَار اجْتِمَاع مَعَاني الَّذِي قُلْنَا كَانَ الثَّابِت بِهِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ وكما أَن الثَّابِت بِالنَّصِّ لَا يخْتَص بِوَقْت دون وَقت فَكَذَلِك الثَّابِت بِالْإِجْمَاع وَلَو شرطنا انْقِرَاض الْعَصْر لم يثبت الْإِجْمَاع أبدا لِأَن بعض التَّابِعين فِي عصر الصَّحَابَة كَانَ يزاحمهم فِي الْفَتْوَى فيتوهم أَن يَبْدُو لَهُ رَأْي بعد أَن لم يبْق أحد من الصَّحَابَة وَهَكَذَا فِي الْقرن الثَّانِي وَالثَّالِث فَيُؤَدِّي إِلَى سد بَاب حكم الْإِجْمَاع (أصلا) وَهَذَا بَاطِل

وَلَكنَّا نقُول بعد مَا ثَبت الْإِجْمَاع مُوجبا للْعلم باتفاقهم فَلَيْسَ لأحد أَن يظْهر خلاف ذَلِك بِرَأْيهِ لَا من

<<  <  ج: ص:  >  >>