للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَخَبَر الْفَاسِق الْوَاحِد

وَلَفظ الْكتاب مشتبه فَإِنَّهُ قَالَ حَتَّى يُخبرهُ رجلَانِ أَو رجل عدل فَقيل مَعْنَاهُ رجلَانِ عدل أَو رجل عدل لِأَن صِيغَة هَذَا النَّعْت للفرد وَالْجَمَاعَة وَاحِد أَلا ترى أَنه يُقَال شَاهدا عدل

وَمن اعْتمد القَوْل الأول قَالَ اشْتِرَاط زِيَادَة الْعدَد للتوكيد هُنَا بِمَنْزِلَة اشْتِرَاط الْعدَد فِي إِخْبَار الْعُدُول فِي الشَّهَادَات فَإِنَّهَا للتوكيد وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِمَا قَالَ فِي الِاسْتِحْسَان لَو أخبر أحد المخبرين بِطَهَارَة المَاء وَالْآخر بِنَجَاسَتِهِ وَأَحَدهمَا عدل وَالْآخر غير عدل فَإِنَّهُ يعْتَمد خبر الْعدْل مِنْهُمَا

وَلَو كَانَ فِي أحد الْجَانِبَيْنِ مخبران وَفِي الْجَانِب الآخر وَاحِد واستووا فِي صفة الْعَدَالَة فَإِنَّهُ يَأْخُذ بقول الِاثْنَيْنِ

وَكَذَلِكَ فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل كَمَا يرجح خبر الْعدْل على خبر غير الْعدْل يتَرَجَّح خبر الْمثنى من الْعُدُول على خبر الْوَاحِد فَعرفنَا أَن فِي زِيَادَة الْعدَد معنى التوكيد

وَالَّذِي أسلم فِي دَار الْحَرْب إِذا لم يعلم بِوُجُوب الْعِبَادَات عَلَيْهِ حَتَّى مضى زمَان لم يلْزمه الْقَضَاء فَإِن أخبرهُ بذلك فَاسق فقد قَالَ مَشَايِخنَا هُوَ على الْخلاف أَيْضا عِنْد أبي حنيفَة لَا يعْتَبر هَذَا الْخَبَر فِي إِيجَاب الْقَضَاء عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا يعْتَبر

قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح عِنْدِي أَنه يعْتَبر الْخَبَر هُنَا فِي إِيجَاب الْقَضَاء عِنْدهم جَمِيعًا لِأَن هَذَا الْمخبر نَائِب عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَأْمُور من جِهَته بالتبليغ كَمَا قَالَ أَلا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب فَهُوَ بِمَنْزِلَة رَسُول الْمَالِك إِلَى عَبده ثمَّ هُوَ غير متكلف فِي هَذَا الْخَبَر وَلكنه مسْقط عَن نَفسه مَا لزمَه من الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ فَلهَذَا يعْتَبر خَبره

فصل فِي أَقسَام الروَاة الَّذين يكون خبرهم حجَّة

قَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم بِأَن الروَاة قِسْمَانِ مَعْرُوف ومجهول

فالمعروف نَوْعَانِ من كَانَ مَعْرُوفا بالفقه والرأي فِي الِاجْتِهَاد وَمن كَانَ مَعْرُوفا بِالْعَدَالَةِ وَحسن الضَّبْط وَالْحِفْظ وَلكنه قَلِيل الْفِقْه

فالنوع الأول كالخلفاء الرَّاشِدين والعبادلة وَزيد بن ثَابت ومعاذ بن جبل وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَعَائِشَة وَغَيرهم من الْمَشْهُورين بالفقه من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وخبرهم حجَّة مُوجبَة

<<  <  ج: ص:  >  >>