للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِك

وَمِثَال هَذَا أَيْضا مَا قَالَه الشَّافِعِي فِي تَحْرِيم الْخمر إِنَّه مَعْلُول من غير قيام الدَّلِيل فِيهِ على كَونه معلولا بل الدَّلِيل من النَّص دَال على أَنه غير مَعْلُول وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام حرمت الْخمر لعينها وَالسكر من كل شراب وَإِثْبَات الْحُرْمَة وَصفَة النَّجَاسَة فِي بعض الْأَشْرِبَة المسكرة لَا يكون تَعديَة للْحكم الثَّابِت فِي الْخمر أَلا ترى أَنه لَا يثبت على ذَلِك الْوَجْه حَتَّى لَا يكفر مستحله وَلَا يكون التَّقْدِير فِي النَّجَاسَة فِيهِ كالتقدير فِي الْخمر وَإِنَّمَا تِلْكَ حُرْمَة ثَابِتَة بِاعْتِبَار نوع من الِاحْتِيَاط فَلَا يتَبَيَّن بِهِ كَون النَّص معلولا

ثمَّ تَعْلِيل النَّص قد يكون تَارَة بِالنَّصِّ نَحْو قَوْله تَعَالَى {لَا يكون دولة بَين الْأَغْنِيَاء مِنْكُم} وَقَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام لبريرة ملكت بضعك فاختاري وَقد يكون بفحوى النَّص كَقَوْل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي السّمن الَّذِي وَقعت فِيهِ فَأْرَة إِن كَانَ جَامِدا فألقوها وَمَا حولهَا وكلوا مَا بَقِي وَإِن مَائِعا فأريقوه فَإِن فِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَنه مَعْلُول بعلة مجاورة النَّجَاسَة إِيَّاه

وَكَذَلِكَ خبر الرِّبَا من هَذَا النَّوْع كَمَا بَينا وَقد يكون بالاستدلال بِحكم النَّص كَقَوْلِه عَلَيْهِ السَّلَام فِي دم الِاسْتِحَاضَة إِنَّه دم عرق انفجر فتوضئي لكل صَلَاة

وَقد يكون على اتِّفَاق الْقَائِلين بِالْقِيَاسِ على كَونه معلولا فَعِنْدَ وجود شَيْء من هَذِه الْأَدِلَّة فِي النَّص سقط اعْتِبَار احْتِمَال كَونه غير مَعْلُول

فصل فِي ذكر شَرط الْقيَاس

وَإِنَّمَا قدمنَا الشَّرْط لِأَن الشرعيات لَا تصير مَوْجُودَة بركنها قبل وجود الشَّرْط أَلا ترى أَن من أَرَادَ النِّكَاح فَلَا بُد لَهُ من أَن يبْدَأ بإحضار الشُّهُود وَمن أَرَادَ الصَّلَاة لم يجد بدا من الْبِدَايَة بِالطَّهَارَةِ وَستر الْعَوْرَة

وَهَذِه الشُّرُوط خَمْسَة أَحدهَا أَن لَا يكون حكم الأَصْل مَخْصُوصًا بِهِ بِنَصّ آخر وَالثَّانِي أَن لَا يكون معدولا بِهِ عَن الْقيَاس وَالثَّالِث أَن لَا يكون التَّعْلِيل للْحكم الشَّرْعِيّ الثَّابِت بِالنَّصِّ بِعَيْنِه حَتَّى يتَعَدَّى بِهِ إِلَى فرع هُوَ نَظِيره وَلَا نَص

<<  <  ج: ص:  >  >>