للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الْعَلامَة لُغَة فَهِيَ الْمُعَرّف بِمَنْزِلَة الْميل والمنارة والميل عَلامَة الطَّرِيق لِأَنَّهُ معرف لَهُ والمنارة عَلامَة الْجَامِع لِأَنَّهَا معرفَة لَهُ وَمِنْه سمي الْمُمَيز بَين الْأَرْضين من المسناة منار الأَرْض قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام لعن الله من غير منار الأَرْض أَي الْعَلامَة الَّتِي تعرف بهَا لتمييز بَين الْأَرْضين

وَكَذَلِكَ فِي أَحْكَام الشَّرْع الْعَلامَة مَا يكون مُعَرفا للْحكم الثَّابِت بعلته من غير أَن يكون الحكم مُضَافا إِلَى الْعَلامَة وجوبا لَهَا لَا وجودا عِنْدهَا على مَا نبينه فِي فصل على حِدة إِن شَاءَ الله تَعَالَى

فصل فِي بَيَان تَقْسِيم السَّبَب

قَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم بِأَن أَسبَاب الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة أَنْوَاع أَرْبَعَة سَبَب صُورَة لَا معنى وَهُوَ يُسمى سَببا مجَازًا وَسبب صُورَة وَمعنى وَهُوَ يُسمى سَببا مَحْضا وَسبب فِيهِ شُبْهَة الْعلَّة وَسبب هُوَ بِمَعْنى الْعلَّة

وَقد بَينا أَن السَّبَب مَا هُوَ طَرِيق الْوُصُول إِلَى الشَّيْء

فَأَما الَّذِي يُسمى السَّبَب مجَازًا فنحو الْيَمين بِاللَّه تَعَالَى يُسمى سَببا لِلْكَفَّارَةِ مجَازًا بِاعْتِبَار الصُّورَة وَهُوَ لَيْسَ بِسَبَب معنى فَإِن أدنى حد السَّبَب أَن يكون طَرِيقا للوصول إِلَى الْمَقْصُود وَالْكَفَّارَة بِالْيَمِينِ إِنَّمَا تجب بعد الْحِنْث وَهِي مَانِعَة من الْحِنْث مُوجبَة لضده وَهُوَ الْبر فَعرفنَا أَنه لَيْسَ بِسَبَب لِلْكَفَّارَةِ معنى قبل الْحِنْث وَلَكِن يُسمى سَببا مجَازًا لِأَنَّهُ طَرِيق الْوُصُول إِلَى وجوب الْكَفَّارَة بعد زَوَال الْمَانِع وَهُوَ الْبر وَكَذَلِكَ النّذر الْمُعَلق بِالشّرطِ الَّذِي لَا يُرِيد كَونه سَبَب لوُجُوب الْمَنْذُور صُورَة لَا معنى لِأَنَّهُ يقْصد بِهِ منع مَا يجب الْمَنْذُور عِنْد وجوده وَهُوَ إِيجَاد الشَّرْط وَإِنَّمَا يكون سَببا بعد زَوَال الْمَانِع حَقِيقَة

وَكَذَلِكَ الطَّلَاق وَالْعتاق الْمُعَلق بِالشّرطِ فَإِن التَّعْلِيق سَبَب صُورَة لَا معنى لِأَنَّهُ بِالتَّعْلِيقِ يمْنَع نَفسه مِمَّا يَقع الطَّلَاق وَالْعتاق عِنْد وجوده

<<  <  ج: ص:  >  >>