للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يفهم أَن الْمَعْنى الْمُقْتَضى لهَذَا النَّهْي هُوَ تَعْظِيم الْوَالِدين فَلذَلِك فهمنا تَحْرِيم الضَّرْب بطرِيق أولى حَتَّى لَو نفهم من ذَلِك تَعْظِيمًا لما فهمنا تَحْرِيم الضَّرْب أصلا لكنه لما نفى التأفيف الْأَعَمّ دلّ على نفي الضَّرْب الْأَخَص بطرِيق أولى وَشَرطه أَيْضا أَن يكون الْمَفْهُوم أولى من الْمَنْطُوق أَو مسَاوٍ لَهُ وَمِثَال الأول قد تقدم

وَمِثَال الثَّانِي تَحْرِيم إحراق مَال الْيَتِيم الدَّال عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما} النِّسَاء ١٠ الْآيَة فالإحراق مسَاوٍ للْأَكْل بِوَاسِطَة الْإِتْلَاف فِي الصُّورَتَيْنِ وَاشْترط لَهُ كثير من أهل الْأُصُول شُرُوطًا

فَقَالَ فِي جمع الْجَوَامِع وَشَرطه أَن لَا يكون الْمَسْكُوت ترك لخوف وَنَحْوه كالجهل وَأَن لَا يكون الْمَذْكُور خرج للْغَالِب خلافًا لإِمَام الْحَرَمَيْنِ أَو لسؤال أَو حَادِثَة أَو للْجَهْل بِحكمِهِ أَو غَيره مِمَّا يَقْتَضِي التَّخْصِيص بِالذكر هَذَا كَلَامه

ثمَّ إِن مَفْهُوم الْمُوَافقَة قِيَاس جلي فِي الْأَصَح وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو الْحسن الخرزي وَابْن أبي مُوسَى وَأبي الْخطاب والحلواني وَالْفَخْر والطوفي

وَقَالَ مجد الدّين ابْن تَيْمِية إِن قصد الْأَدْنَى فَقِيَاس وَإِن قصد التَّنْبِيه فَلَا وَهُوَ حجَّة عِنْد الْعلمَاء ودلالته لفظية عِنْد أَحْمد وَالْقَاضِي وَابْن حمدَان وَشَيخ الْإِسْلَام وَابْن عقيل وَحَكَاهُ عَن أَصْحَابنَا وَالْحَنَفِيَّة والمالكية وَغَيرهم ودلالته تكون قَطْعِيَّة كآية التأفيف وَتَكون ظنية كإذا ردَّتْ شَهَادَة فَاسق فكافر أولى إِذْ الْكفْر فسق وَزِيَادَة وَوجه كَونه ظنيا أَنه وَاقع فِي الِاجْتِهَاد أَن يجوز أَن يكون الْكَافِر عدلا فِي دينه فيتحرى الصدْق وَالْأَمَانَة

الرَّابِع دلَالَة تَخْصِيص شَيْء بِحكم يدل على نَفْيه عَمَّا عداهُ وَهُوَ مَفْهُوم الْمُخَالفَة سمي بِهِ لمُخَالفَته للمنطوق بِهِ وَذَلِكَ كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ}

<<  <   >  >>