للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما حد الْخَبَر فقد قيل إِن أهل اللُّغَة حدوه بِأَنَّهُ كَلَام يدْخلهُ الصدْق وَالْكذب فان قيل أَلَيْسَ قَول الْقَائِل مُحَمَّد ومسيلمة صادقان خبر وَلَيْسَ بِصدق وَلَا كذب قيل قد أجَاب الشَّيْخ أَبُو عَليّ بَان هَذَا الْخطاب يُفِيد صدق أَحدهمَا فِي حَال صدق الآخر فَكَأَنَّهُ قَالَ أَحدهمَا صَادِق فِي حَال صدق الآخر وَلَو قَالَ ذَلِك كَانَ قَوْله كذبا فَكَذَلِك إِذا قَالَ هما صادقان وَلقَائِل أَن يَقُول إِنَّه لَيْسَ ينبىء هَذَا الْكَلَام عَن أَن صدق أَحدهمَا حَاصِل فِي حَال صدق الآخر وَلَا أَنه قبله وَلَا بعده فَلَا يكون ذَلِك معنى الْكَلَام

وَأجَاب الشَّيْخ أَبُو هَاشم بِأَن هَذَا الْكَلَام يجْرِي مجْرى خبرين أَحدهمَا خبر بِصدق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْآخر خبر بِصدق مُسَيْلمَة فَكَمَا لَا يجوز أَن يُقَال فِي مَجْمُوع خبرين متميزين إنَّهُمَا صدق أَو كذب فَكَذَلِك فِي هَذَا الْكَلَام وَلقَائِل أَن يَقُول بِأَن هَذَا الْكَلَام لَا يجْرِي مجْرى خبرين إِلَّا من حَيْثُ أَفَادَ حكما لشخصين وَذَلِكَ لَا يمْنَع من وَصفه بِالصّدقِ وَالْكذب أَلا ترى أَن قَول الْقَائِل كل شَيْء قديم كذب وَإِن أَفَادَ حكما لذوات كَثِيرَة

وَأجَاب قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله بِأَن مرادنا بقولنَا مَا دخله الصدْق وَالْكذب هُوَ مَا إِذا قيل للمتكلم بِهِ صدقت أَو كذبت لم يحظره اللُّغَة وَهَذِه صُورَة هَذَا الْكَلَام فَكَانَ دَاخِلا فِي حد الْخَبَر

وَأجَاب الشَّيْخ أَبُو عبد الله بِأَن هَذَا الْكَلَام كذب فانه يُفِيد الْإِخْبَار عَن شَيْء على خلاف مَا هُوَ بِهِ لِأَنَّهُ يُفِيد إِضَافَة الصدْق إِلَيْهِمَا وَلَيْسَ هُوَ مُضَافا إِلَيْهِمَا وَإِن كَانَ مُضَافا إِلَى أَحدهمَا كَانَ أَن قَول الْقَائِل كل إِنْسَان أسود كذب لِأَنَّهُ يُفِيد إِضَافَة السوَاد إِلَى جَمِيعهم وَلَيْسَ هُوَ مُضَافا إِلَى جَمِيعهم

إِن قيل إِذا حددتم الْخَبَر بِأَنَّهُ مَا دخله الصدْق وَالْكذب وحددتم الصدْق بِأَنَّهُ الْإِخْبَار على الشَّيْء على مَا هُوَ بِهِ وحددتم الْكَذِب بِأَنَّهُ الْإِخْبَار عَن الشَّيْء لَا على مَا هُوَ بِهِ كُنْتُم قد عَرَفْتُمْ الْمَجْهُول بِالْمَجْهُولِ قيل قد أجَاب قَاضِي الْقُضَاة رَحمَه الله بِأَن الْخَبَر قد عَرفْنَاهُ ولسنا نُرِيد بتحديده أَن نعرفه

<<  <  ج: ص:  >  >>