للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذكر قَاضِي الْقُضَاة أَن الْعدْل هُوَ فعل حسن يتَعَدَّى الْفَاعِل إِلَى غَيره بنفعه أَو بضرره وَقد الْتزم على ذَلِك أَن يكون الِابْتِدَاء بالتفضل عدلا قَالَ وَلذَلِك يُقَال إِن الله سُبْحَانَهُ عدل بابتداء الْخلق فِي الدُّنْيَا وَقد تعورف اسْتِعْمَال الْعدْل فِي المستكثر من فعل الْعدْل وَلذَلِك يُوصف الله سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ عدل وتعورف اسْتِعْمَاله أَيْضا فِيمَن أهل لقبُول شَهَادَته وَيدخل فِي ذَلِك الْحُرِّيَّة وَغَيرهَا وتعورف أَيْضا فِيمَا تقبل رِوَايَته عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ من اجْتنب الْكَبَائِر وَالْكذب والمسخفات من الْمعاصِي والمباحات وَلَا خلاف فِي اعْتِبَار هَذِه الْأُمُور فِيمَن يروي الْخَبَر لِأَن خلاف ذَلِك يقْدَح فِي الثِّقَة لقَوْله لِأَن من تقدم على الْكَذِب لَا يُؤمن مِنْهُ الْكَذِب فِي كل مَا يخبر بِهِ وَمن تقدم على الْفسق وَهُوَ يعْتَقد انه فسق لَا يُؤمن مِنْهُ الْإِقْدَام على الْكَذِب فِي حَدِيثه وَمن تقدم على المسخفات كالتطفيف وكالأكل على الطَّرِيق وَإِن اثمر النَّقْص لَا يُؤمن مِنْهُ الْكَذِب وَإِن أثمر عِنْده النَّقْص والمشارطة على أَخذ الاجرة على الحَدِيث فَهُوَ ابلغ فِي الدناءة من الْأكل على الطَّرِيق وَهُوَ جَار مجْرى اشْتِرَاط الاجرة على صَلَاة النَّافِلَة

وَأما الْفسق فِي الاعتقادات إِذا كَانَ صَاحبه متحرجا فِي افعاله فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ ابي على وابي هَاشم أَنه يمْنَع من قبُول الحَدِيث لِأَن الْفسق فِي أَفعَال الْجَوَارِح يمْنَع من قبُول الحَدِيث لكَونه فسقا لَا لِأَنَّهُ من افعال الْجَوَارِح لِأَن الْمُبَاحَات من أَفعَال الْجَوَارِح لَا تمنع من قبُول الحَدِيث وَهَذِه الْعلَّة قَائِمَة فِي الاعتقالات إِذا كَانَت فسقا وَالْجَوَاب إِن الْفسق من أَفعَال الْجَوَارِح إِنَّمَا منع من قبُول الحَدِيث لِأَن فَاعله فعله وَهُوَ يعلم أَنه فسق فقدح ذَلِك فِي الظَّن لصدقه وَلم يُؤمن أَن يقدم على الْكَذِب وَإِن علم أَنه مَحْظُور وَلَيْسَ كَذَلِك إِذا اعْتقد اعتقادا هُوَ فسق وَقد اشْتبهَ عَلَيْهِ وَهُوَ متحرج فِي أَفعاله

إِن قيل أَلَيْسَ لَو فسق وَهُوَ يعلم أَنه فسق لم يقبل حَدِيثه فَكيف يقبل إِذا ضم إِلَى فسقه خَطِيئَة أُخْرَى وَهِي اعْتِقَاده أَن ذَلِك غير فسق قيل إِنَّه إِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>